للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مر بْنا حمزة بْن حبيب فاستسقى فأتيته بماء، فَقَالَ: أنت ممن يحضرنا فِي القراءة؟ قلت: نعم، قَالَ: لا حاجة لي فِي مائك.

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَاصِرٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحسن بن عبد الجبار، قال: أخبرنا أَبُو الوليد عُتْبَة بْن عَبْد الملك العثماني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الطيب عَبْد الْمُنْعِمِ بْن عَبْد اللَّه بْن غلبون المقرئ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بكر مُحَمَّد بْن نصر بْن هارون السامري، قَالَ: أَخْبَرَنَا سليمان بْن جبلة، قَالَ: أَخْبَرَنَا/ إدريس بْن عَبْد الْكَرِيمِ الحداد، قَالَ: أخبرنا خلف بن ٨٦/ أهشام البزاز، قَالَ: قَالَ لي سليم بْن عيسى [١] :

دخلت عَلَى حمزة بْن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه فِي الأرض ويبكي، فقلت: أعيذك باللَّه، فَقَالَ: رأيت البارحة فِي منامي كَانَ القيامة قَدْ قامت، وقد دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت قائلا يَقُول بكلام عذب: لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن، فرجعت القهقري، فهتف باسمي: أين حمزة بْن حبيب الزيات؟

فقلت: لبيك داعي اللَّه، فبدرني ملك فَقَالَ قل: لبيك اللَّهمّ لبيك، فقلت كما قَالَ لي، فأدخلني دارا فِيهَا ضجيج القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلا يَقُول: لا بأس عَلَيْك اقرأ وأرق، فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقال لي: اقرأ سورة الأنعام. فقرأت وأنا لا أدري عَلَى من أقرأ حتى بلغت الستين آية، فلما بلغت: وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ ٦: ١٨ [٢] قَالَ لي: يا حمزة، ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى، قَالَ: صدقت، اقرأ، فقرأت حَتَّى أتممتها، فَقَالَ لي:

أقرأ، فقرأت الأعراف حَتَّى بلغت آخرها وأومأت إِلَى الأرض بالسجود، فَقَالَ لي:

حسبك مَا مضى، لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هَذِهِ القراءة؟ فقلت: سليمان، فَقَالَ:

صدقت، من أقرأ سليمان؟ قلت: يَحْيَى، قَالَ: صدق يَحْيَى، عَلَى من قرأ يَحْيَى؟

فقلت: عَلَى أبي عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، قَالَ: صدق أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي، من أقرأ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ؟ فقلت: ابْن عم نبيك علي، فَقَالَ: صدق علي، فمن أقرأ عليا؟ قلت:

نبيك مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ومن أقرأ نبيي؟ قَالَ: قلت: جبريل عليه السلام، قَالَ: ومن أقرأ جبريل؟ فسكت، فَقَالَ لي: يا حمزة، قل أنت، فقلت: ما أجسر أن أقول أنت، فقال:


[١] الخبر في تهذيب الكمال ٧/ ٣١٨.
[٢] سورة: الأنعام، الآية: ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>