للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحائط، فلما انصرف إليه بوجهه وسلم عليه فرد عليه ردا ضعيفا وَقَالَ: يا بْني، كيف أبوك؟ قَالَ [١] : بخير، يقرأ عليك السلام ويعلمك بما قَدْ لزمه من الغرم، ويستسلفك مائة ألف درهم، فما رد عليه قليلا ولا كثيرا، وَقَالَ: إن أمكنني شيء فسيأتيك، فانصرف وَهُوَ يَقُول: لعن اللَّه كل شيء يأتي من تيهك وكبرك. ورجع إِلَى أبيه وأعلمه بالخبر، فإذا رَسُول عمارة قَدْ طلع بالمائة ألف، فجمعوا فِي يومين ألفي ألف وسبع مائة ألف، فورد على المنصور [٢] : انتقاض الموصل وانتشار الأكراد، فَقَالَ المنصور: من لها؟ فَقَالَ له المسيب: ما رميتها بمثل خالد، قال: ويحك، فيصلح لنا بعد ما أتينا إِلَيْهِ مَا أتينا؟ قَالَ:

إنما كَانَ ذلك تقويما لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وأنا ضامن عليه، قَالَ: فليحضر غدا، فأحضر فصفح له عن الثلاثمائة ألف وعقد له [٣] . فلم يزل خالد عَلَى [الموصل إِلَى] [٤] أن تُوُفِّيَ المنصور، ويحيى عَلَى أذربيجان، وَكَانَ المنصور معجبا بيحيى، وَكَانَ يَقُول: ولد الناس أبْناء وولد خالد آباء.

وروى الجاحظ عَنْ ثمامة قَالَ: كَانَ أصحابْنا يقولون: لم يكن يرى لجليس خالد بن برمك دارا إلا وخالد قَدْ بْناها، ولا ضيعة إلا وَهُوَ اشتراها، ولا ولدا إلا وَهُوَ اشترى أمه إن كانت أمه، أو أمهرها إن كانت حرة، ولا دابة إلا وهي من حملانه.

وَكَانَ خالد أول من سمى أَهْل الاستماحة والاسترفاد الزوار، فَقَالَ بعض من قصده:

حذا خالد فِي جوده حذو برمك ... فمجد لَهُ مستطرف وثليل

وَكَانَ بْنو الإعدام يدعون قبله ... بنبر على الإعدام فيه دليل

٩١/ أ/ يسمون بالسؤال فِي كل موطن ... وإن كَانَ فيهم نابه وجليل

فسماهم الزوار سترا عليهم ... وأستاره فِي المحتدين سدول

وفي هذه السنة [٥] : نزل المنصور قصره الَّذِي يعرف بالخلد عَلَى دجلة، وإنما


[١] في الأصول: «قلت» خطأ.
[٢] في الأصل: «فورد على الموصل» ، وما أوردناه من ت.
[٣] في ت: «إنما قومته بذلك فلم يزل خالد» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، أوردناه من ت.
[٥] تاريخ الطبري ٨/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>