للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِي رآه، وأن الشمس والقمر والنجوم سجدوا لَهُ دخلهم الحسد، فاحتالوا عَلَيْهِ بقولهم: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ١٢: ١٢ [١] فلما خرجوا بِهِ إِلَى البرية أظهروا لَهُ العداوة وجعل هَذَا يضربه فيستغيث بالآخر فيضربه، فجعل يصيح: يا أبتاه، يا يعقوب لو تعلم مَا يصنع بابنك، فألقوه فِي الجب، فجعلوا يدلونه فيتعلق بشفير البئر، فربطوا يديه ونزعوا قميصه، فَقَالَ: يا أخوتاه ردوا عَلِي قميصي أتوارى بِهِ فِي الجب، فَقَالُوا: ادع الشمس والقمر والكواكب [تؤنسك] [٢] . فألقوه فِي الماء، فآوى إِلَى الصخرة فِي الجب، ثُمَّ أرادوا أَن يرضخوه بصخرة [٣] ، فمنعهم يهوذا، وَقَالَ: قَدْ أعطيتموني موثقا أَن لا تقتلوه، وَكَانَ يهوذا يأتيه بالطعام، فأوحى اللَّه تَعَالَى لينبئنهم بأمرهم هَذَا، ثُمَّ جاءوا أباهم عشاء يبكون، فَقَالَ: أين يُوسُف؟ قَالُوا: أكله الذئب، وكانوا قَدْ ذبحوا جديا فلطخوا بدمه القميص، فجاءت سيارة بَعْد ثلاثة أَيَّام، فورد واردهم فتعلق بِهِ فصعد، فقال: يا بُشْرى هذا غُلامٌ ١٢: ١٩ [٤] . فَقَالَ إخوته: هَذَا غلام آبق منا. واشتروه مِنْهُم بعشرين درهما، ثُمَّ باعوه بمصر، فاشتراه قطفير [٥] ، وَكَانَ عَلَى خزائن مصر، وفرعون مصر يَوْمَئِذٍ الريان بْن الْوَلِيد من أولاد سام بْن نوح. ويقال: إِن هَذَا الْمَلِك لَمْ يمت حَتَّى آمن بيوسف، ثُمَّ مَات ويوسف حي، ثُمَّ ملك بعده قابوس بْن مُصْعَب، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى.

فلما اشتراه قطفير أتى بِهِ منزله، فَقَالَ لامرأته واسمها راعيل: أكرمي مثواه، وَكَانَ لا يأتي النساء، فراودته عن نفسه، وَقالَتْ: هَيْتَ لَكَ ١٢: ٢٣، أي: تهيأت لك، قال:

مَعاذَ الله ١٢: ٢٣ [٦] .

فأما قوله: وَهَمَّ بِها ١٢: ٢٤ [٧] ، فَإِنَّهُ حَدِيث الطبع وتمنيه نيل الشهوة لو كانت مباحة فَإِن الإِنْسَان إِذَا صام اشتهى شرب الماء، غَيْر أَن الصوم مانع، فرأى البرهان وهو علمه


[١] سورة: يوسف، الآية: ١٢.
[٢] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.
[٣] في إحدى نسخ الطبري: «يرضخوه بالحجارة» .
[٤] سورة: يوسف، الآية: ١٩.
[٥] كذا في الطبري وابن الأثير، وفي سفر التكوين ٣٩: ١ «فوطيفار» .
[٦] سورة: يوسف، الآية: ٢٣.
[٧] سورة: يوسف، الآية: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>