للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعم جده المنصور بْن عَبْد الصَّمَدِ بْن عَلِيّ، واستدعى الرشيد يَحْيَى بْن خالد بْن برمك- وَكَانَ قَدْ حبسه الهادي لميله إِلَى هارون، وعزم عَلَى قتله وقتل هارون- فحضر يحيى فقلّده الوزارة، وكانت الخيزران هي الناظرة فِي الأمور، فكان يَحْيَى يعرض عليها [١] ويصدر عن رأيها، وكان الرشيد يَقُول ليحيى: يا أبي.

وذكر الصولي: أنه كَانَ يَحْيَى يساير الرشيد يوما فقام رجل فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عطبت دابتي، فَقَالَ: يعطى خمسمائة درهم، فغمزه يَحْيَى، فلما نزل قَالَ:

يا أبة، أومأت إلي بشيء وقت مَا أمرت بالدراهم فما هو؟ فَقَالَ: مثلك لا يجري هَذَا المقدار عَلَى لسانه، إنما يذكر مثلك خمسة آلاف ألف، عشرة آلاف ألف، قَالَ: فإذا سئلت مثل هَذَا كيف أقول، قَالَ: تقول: نشتري لَهُ دابة يفعل به فعل نظرائه.

ولما بويع للرشيد خرج فوصل إِلَى كرسي الجسر فدعا الغواصين، فَقَالَ لهم:

كَانَ المهدي وهب لي خاتما شراؤه مائة ألف دينار، فدخلت عَلَى أخي وَهُوَ فِي يدي، فلما انصرفت لحقني سُلَيْمَان الأسود فَقَالَ: يأمرك أمير المؤمنين أن تعطيني الخاتم، فرميت/ به في هذا الموضع. فغاصوا فأخرجوه، فسر به غاية السرور [٢] .

وَكَانَ الهادي قَدْ خلع الرشيد وبايع لابْنه جَعْفَر، وَكَانَ خزيمة بْن خازم فِي خمسة آلاف من الموالي عليهم السلاح تلك الليلة، فهجم، فأخذ جَعْفَر من فراشه، فَقَالَ: والله لأضربْن عنقك أو تخلعها، فلما كَانَ من غد ركب الناس إِلَى باب جَعْفَر، فأتى به خزيمة فأقامه على باب الدار فِي العلو، والأبواب مغلقة، فنادى جَعْفَر: يا معشر الناس، من كَانَ لي فِي عنقه بيعة فقد أحللته منها والخلافة لعمي هارون، لا حق لي فِيهَا [٣] .

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن إِبْرَاهِيم قَالَ: أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد بْن عرفة قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْعَبَّاس المنصوري، عَنْ عَمْرو بْن بحر قَالَ:

أجمع الرشيد مَا لم يجمع لأحد من جد وهزل: وزراؤه البرامكة لم ير مثلهم سخاء [وسرورا] [٤] ، وقاضيه أَبُو يوسف، وشاعره مروان بْن أبي حفصة كان


[١] «يعرض عليها» ساقطة من ت.
[٢] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٢٣٢.
[٣] انظر: تاريخ الطبري ٨/ ٢٣٢- ٢٣٣.
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>