للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ/ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الطَّوِيلِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَهْدِيِّ فَدَعَا بِمِحْبَرَتِهِ وَدْفَتِرِه، وَكَتَبَ عَنِّي أَشْيَاءَ حَدَّثْتُهُ بِهَا، ثُمَّ نَهَضَ وَقَالَ: كُنْ بِمَكَانِكَ حَتَّى أَعُودَ إِلَيْكَ، وَدَخَلَ إِلَى دَارِ الْحَرَمِ ثُمَّ خرج متنكرا ممتلئا غيظا، فلما جلس: قُلْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَرَجْتَ عَلَى خِلافِ الْحَالِ الَّتِي دَخَلْتَ عَلَيْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ دَخَلْتُ عَلَى الْخَيْزُرَانِ فَوَثَبْت إِلَيَّ وَمَدَّتْ يَدَهَا إِلَيَّ وَخَرَقَتْ ثَوْبِي، وَقَالَتْ: يَا قَشَّاشُ، وَأَيُّ خَيْرٍ رأيت منك؟ وإنما اشْتَرَيْتُهَا مِنْ نَخَّاسٍ وَرَأَتْ مِنِّي مَا رَأَتْ وَعَقْدُتَ لابْنَيْهَا وِلايَةَ الْعَهْدِ وَيْحَكِ وَأَنَا قَشَّاشٌ؟ قال: فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُنَّ يَغْلِبْنَ الْكِرَامَ وَيَغْلِبْهُنَّ اللِّئَامُ» وَقَالَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي» ، وَقَالَ: «خُلِقَتِ الْمَرْأَةُ مِنْ ضِلْعٍ أَعْوَجَ إِنْ قَوَّمْتَهُ كَسَرْتَهُ» . وحدثته فِي هَذَا الباب بكل مَا حضرني، فسكن غضبه، وأسفر وجهه، وأمر لي بألفي دينار، وَقَالَ: أصلح بهذه من حالك، وانصرفت، فلما وصلت إِلَى منزلي وافاني رسول الخيزران، فقال: تقرأ عليك ستي السلام، وتقول لك: يا عم قَدْ سمعت جميع مَا كلمت به أمير المؤمنين، فأحسن اللَّه جزاك، وَهَذِهِ ألفا دينار إلا عشرة دنانير بعثت بها إليك لأني لم أحب أن أساوي صلة أمير المؤمنين ووجهت إلي بأثواب [١] .

أَخْبَرَنَا ابْنُ نَاصِرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيّ البسري، عَنْ أبي عَبْد اللَّه بن بطة قال: حدّثنا أبو عَلِيّ بْن الحسين بْن القاسم قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الفضل بْن الربعي قَالَ:

حَدَّثَنِي أبي قال: سأل رجل الخيزران حاجة ثُمَّ أرسل إليها بهدية فأجابته: إن كَانَ مَا وجهت به من هديتك ثمنا لرأيي فيك فلقد بخستني القيمة، وإن كَانَ استزادة فقد استغششتني في المودّة وردتها عليه.

وقد حكى نحوه أَبُو بكر الصولي فَقَالَ: لما ولي مُحَمَّد بْن سليمان البصرة أهدى إِلَى الخيزران مائة وصيف بيد كل وصيف [٢] جام من ذهب/ مملوء مسكا. فقبلت ذلك، ١٥٦/ أوكتبت إِلَيْهِ: عافاك اللَّه إن كَانَ مَا وصل إلينا منك ثمن رأينا فيك، فقد بخستنا فِي القيمة، وإن كَانَ وزن مثلك إلينا فظننا بك فوقه.

قَالَ ابْن الأعرابي: كتب المهدي إلى الخيزران وهي بمكة:


[١] انظر الخبر في: تاريخ بغداد ١٤/ ٤٣٠- ٤٣١.
[٢] «بيد كل وصيف» ساقطة من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>