للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وقيل إنهم رأوه يوما في سوق الدفاتر وقد باع مصحفا بشعر الأعشى، فقال له الناس: أنت والله الخاسر. فبقيت [١] عَلَيْهِ.

قَالَ: وكان مقتدرا على الشعر بلغ من اقتداره أنه اخترع شعرا على حرف واحد لم يسبق إليه، وأقل شعر سمع للعرب على حرفين، نحو قول دريد بن الصمة:

يا ليتني فيها جذع ... أخب فيها وأضع [٢]

فقال سلم [الخاسر] [٣] لموسى الهادي شعرا على حرف واحد منه:

موسى المطر ... غيث بكر

ثم انهمر ... كم اعتسر

ثم اقتسر ... وكم قدر

ثم غفر ... عدل السير

باقي الأثر/ ... خير البشر

فرع مضر ... بَدْرٌ بَدَر

لمن نظر ... هو الوزر

لمن حضر ... والمفتخر

لمن غبر ... والمجتبر

لمن عثر

[٤] .

وذكر الخطيب أنه كان على طريقة غير مرضية من المجون والخلاعة والفسق، ثم تعرى وترك ذَلِكَ، فرقت حاله، فاغتم لذلك، ورجع إلى شر مما كان عليه أولا، فباع مصحفا كان لَهُ واشترى بثمنه دفترا فيه شعر، فشاع خبره في النَّاسَ فسموه: سلما الخاسر لذلك [٥] .

وكان من الشعراء المجيدين، وكان من تلامذة بشار، وصار يقول أرق من شعره، فغضب بشار، وكان بشار قد قَالَ:

من راقب الناس لم يظفر بحاجته ... وفاز بالطيبات الفاتك اللهج


[١] في ت: «فثبتت» .
[٢] في ت: «وأقع» .
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٤] البداية والنهاية ١٠/ ١٨٨.
[٥] تاريخ الطبري ٩/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>