للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ثمامة بن أشرس: رفع محمد بن الليث رسالة إلى الرشيد يعظه فيها ويقول:

إن يحيى بن خالد لا يغني عنك من الله شيئا، وقد جعلته فيما بينك وبين الله، فكيف أنت إذا وقفت بين يدي الله فسألك عما عملت في عباده وبلاده، فقلت: استكفيت يحيى أمور عبادك. أتراك تحتج بحجة يرضاها. مع كلام فيه توبيخ وتقريع، فدعى الرشيد يحيى وقد تقدم إِلَيْهِ خبر الرسالة، / فَقَالَ: تعرف محمد بن الليث؟ قَالَ: نعم.

قَالَ: فأي الرجال هُوَ؟ قَالَ: متهم على الإسلام. فأمر به، فوضع في الحبس دهرا، فلما تنكر الرشيد للبرامكة ذكره فأمر بإخراجه، فأحضر فقال له بعد مخاطبة طويلة: يا محمد، أتحبني؟ قال: لا والله يا أمير المؤمنين. قَالَ: تَقُولُ هذا!؟ قَالَ: نعم، وضعت رجلي في الأكبال، وحلت بيني وبين العيال بلا ذنب أتيت، ولا حدث أحدثت [١] ، سوى قول حاسد يكيد الإسلام وأهله، ويحب الإلحاد وأهله، فكيف أحبك؟ قَالَ:

صدقت. وأمر بإطلاقه، ثم قَالَ: يا مُحَمَّد، أتحبني؟ قَالَ: لا والله يا أمير المؤمنين، ولكن قد ذهب ما في قلبي. فأمر أن يعطى مائة ألف درهم، فأحضرت فَقَالَ: يا مُحَمَّد، أتحبني؟ قَالَ: أما الآن فنعم، قد أنعمت علي، وأحسنت إلي. قَالَ: انتقم الله ممن ظلمك، وأخذ لك بحقك ممن بعثني عليك. قال: فقال الناس في البرامكة، فأكثروا، وكان ذلك أول ما ظهر من تغير [٢] حالهم [٣] .

وقال محمد بن الفضل مولى سليمان بن أبي جعفر: دخل يحيى بن خالد بعد ذلك إلى الرشيد [٤] ، فقام الغلمان إِلَيْهِ فقال الرشيد لمسرور [الخادم] [٥] : مر الغلمان أن لا يقوموا إليه إذا دخل. فدخل فلم يقم إليه أحد، فاربد لونه، وكان الغلمان والحجاب بعد ذلك إذا رأوه أعرضوا عنه، فكان ربما استسقى الشربة فلا يسقونه [٦] .

/ وقال أبو محمد اليزيدي: من قال إن الرشيد قتل جعفر بن يحيى بغير سبب


[١] «أتيت ولا حدث أحدثت» ساقطة من ت.
[٢] في الأصل: «تغيير» .
[٣] تاريخ الطبري ٨/ ٢٨٨.
[٤] في ت: «على الرشيد» .
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] تاريخ الطبري ٨/ ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>