للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ [١] : كان [٢] أحمد بن الجنيد الإسكافي وكان أخص الناس بجعفر بن يحيى البرمكي، وكان النَّاسَ يقصدونه في حوائجهم إلى جعفر، وإن رقاع الناس كثرت في خف أحمد بن الجنيد، فلم يزل كذلك إلى أن تهيأت له الخلوة بجعفر فقال لَهُ: جعلني الله فداك، قد كثرت رقاع النَّاسَ معي وأشغالك كثيرة، وأنت اليوم خال، فإن رأيت أن تنظر فيها. فقال له جعفر: على أن تقيم عندي اليوم. فَقَالَ: نعم. فصرف دوابه وأقام، فلما تغدوا جاءه بالرقاع، فقال له جعفر: هذا وقت ذا دعنا اليوم، فأمسك عنه وانصرف ولم ينظر في الرقاع، فلما كان بعد أيام خلا به، فأذكره [٣] [الرقاع] [٤] ، فقال: نعم، على أن تقيم عندي اليوم. فأقام عنده، ففعل به مثل الفعل/ الأول، حتى فعل به ذلك ثلاثا، فلما كان ذلك في آخر يوم أذكره فَقَالَ: دعني الساعة. وناما، فانتبه جعفر قبل أَحْمَد، فقال لخادم له: اذهب إلى خف أحمد بن الجنيد فجئني بكل رقعة فيه، وانظر لا يعلم أحمد. فذهب الغلام، وجاء بالرقاع، فوقع فيها جعفر عن آخرها بخطه بما أحب أصحابها، ووكد ذَلِكَ، ثم أمر الغلام أن يردها إلى الخف، فردها، فانتبه أحمد ولم يقل فيها شيئا، وانصرف أَحْمَد، فركب يعلل أصحاب الرقاع بها أياما، ثم قال لكاتب لَهُ:

ويحك هذه الرقاع قد أخلقت في خفي، وهذا ليس ينظر فيها، فخذها فتصفحها، وجدد ما أخلق منها. فأخذها الكاتب، فنظر فيها، فوجد الرقاع موقعا فيها بما سأل أصحابها، فتعجب من كرمه ونبل أخلاقه، ومن أنه قضى حاجته ولم يعلمه بها لئلا يظن أنه اعتد بها عَلَيْهِ [٥] .

أخبرنا أبو منصور القزاز [٦] ، أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري حدثنا محمد بن العباس الخزَّاز، حدثنا محمد بن خلف بن


[١] «علي بن الحسين الاسكافي يحدث قال» . ساقطة من ت.
[٢] في الأصل: «حدثنا أحمد بن الجنيد ... » .
وفي ت: «بن محمد الخصيبي قال سمعت أحمد بن الجنيد الإسكافي» .
[٣] في تاريخ بغداد: نذاكره» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٥] تاريخ بغداد ٧/ ١٥٣، ١٥٤.
[٦] في ت: «قال» بدلا من: «أخبرنا أبو منصور القزاز» .

<<  <  ج: ص:  >  >>