للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدِرِيُّ قَالَ: افْتَخَرَ أهل الإبل والغنم عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ، وَالْخُيَلاءُ فِي أَهْلِ الإِبِلِ» . وَقَالَ: «بُعِثَ مُوسَى وَهُوَ يَرْعَى غَنَمًا لأَهْلِهِ، وَبُعِثْتُ وَأَنَا أَرْعَى غَنَمًا لأَهْلِي بِجِيَادٍ» . وزعم السدي: أَن موسى رجع من تكليم اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فسار بأهله نَحْو مصر فأتاها ليلا فتضيف عَلَى أمه وَهُوَ لا يعرفها، فجاء هَارُون فقيل لَهُ: ضيف، فقعد معه، فسأله:

من أنت؟ فقال: أنا موسى، فقام كُل واحد منهما إِلَى صاحبه فاعتنقه، فلما تعارفا، قَالَ لَهُ: يا هَارُون انطلق معي إِلَى فرعون، إِن اللَّه تَعَالَى قَدْ أرسلنا إِلَيْهِ، قَالَ هَارُون: سمعا وطاعة، فانطلقا إِلَيْهِ ليلاً، فأتيا الباب فضرباه، ففزع فرعون وفزع البواب فكلمهما فَقَالَ موسى: أنا رَسُول رب العالمين.

فأتى فرعون، فَقَالَ: إِن ها هنا إِنْسَانا مجنونا، يزعم أَنَّهُ رَسُول رب العالمين، فَقَالَ:

أدخله، فدخل فعرفه فرعون.

فَقَالَ: أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً ٢٦: ١٨ [١] ، ثم قال له: وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ٢٦: ٢٣ [٢] ، قَالَ مَا قصه اللَّه تَعَالَى عَلَيْنَا. فَقَالَ لَهُ: إِن كنت جئت بآية فأت بها، فألقى عصاه، فَإِذَا هِيَ ثعبان مبين قَدْ فتحت فاها ووضعت لحيها الأسفل فِي الأَرْض، والأعلى عَلَى سور القصر، ثُمَّ توجهت إِلَى فرعون فذعر منها ووثب وصاح: يا موسى خذها فأنا أومن، فعادت عصا، ثُمَّ نزع يده فَإِذَا هِيَ بيضاء، فخرج من عندها.

فأبى فرعون أَن يؤمن، وبنى الصرح ورقي عَلَيْهِ وأمر بنشابه فرمى بها نَحْو السماء فردت إليه ملطخة بالدم، فَقَالَ: قَدْ قتلت إله موسى.

قَالَ وهب: بعث إِلَى السحرة [فجمعهم] [٣] وَقَالَ: قَدْ جاءنا ساحر مَا رأينا مثله قط، فَإِن غلبتموه أكرمكم. وَكَانَ يرأس السحرة ساتور، وعازور، وحطحط، ومصفى، وَهُمُ الَّذِينَ آمنوا لما رأوا سلطان اللَّه فتبعتهم السحرة فِي الإيمان.


[١] سورة: الشعراء، الآية: ١٨.
[٢] سورة: الشعراء، الآية: ٢٣.
[٣] ما بين المعقوفتين: من الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>