للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إخوانك وجيرانك [١] يريد الحج، ترضاه يرافقني؟ قُلْتُ: نعم، فذهبت به إلى رجل من الحي، له صلاح ودين، فجمعت بينهما وتواطئا على المرافقة [٢] . ثم انطلق بهيم إلى أهله، فلما كان بعد، أتاني الرجل فَقَالَ: يا هذا، أحب أن تزوي عني صاحبك ويطلب رفيقا غيري. فقلت: ويحك، ولم؟ [٣] فو الله ما أعلم بالكوفة [٤] له نظير في حسن الخلق والاحتمال. ولقد ركبت معه البحر فلم أر إلا خيرا. فَقَالَ: ويحك، حدثت أنه طويل البكاء، ولا يكاد يفتر، فهذا ينغص علينا العيش [في] [٥] سفرنا كله. قَالَ: قلت:

ويحك، إنما يكون البكاء أحيانا عند التذكرة، يرق القلب فيبكي الرجل، أو ما تبكي أنت أحيانا؟ قَالَ: بلى، ولكن [قد] [٦] بلغني عنه أمر عظيم جدا من كثرة بكائه. قَالَ:

قُلْتُ: اصحبه فلعلك أن تنتفع بِهِ. قَالَ: أستخير الله فلما كان اليوم الذي أرادا أن يخرجا فيه جيء بالإبل، ووطئ لهما، فجلس بهيم في ظل حائط، فوضع يده تحت لحيته، وجعلت دموعه تسيل على خديه، ثم على لحيته، ثم على صدره، حتى والله رأيت دموعه [عَلَى] [٧] الأرض. قَالَ: يقول لي صاحبي: يا مخول، قد ابتدأ صاحبك، ليس هذا لي برفيق. قال: قلت: أرفق، فلعله ذكر عياله ومفارقته إياهم فرق. فسمعنا بهيم فَقَالَ: والله يا أخي [٨] ما هو ذاك، ولكني ذكرت [٩] بها الرحلة/ إلى الآخرة. قَالَ: وعلا صوته بالنحيب. قَالَ: يقول لي صاحبي، والله ما هي بأول عداوتك لي وبغضك إياي، أنا ما لي ولبهيم، وإنما كان ينبغي أن ترافق بين بهيم وبين داود الطائي وسلام أبي الأحوص، حتى يبكي بعضهم إلى بعض، يشفون أو يموتون جميعا قَالَ: فلم أزل أرفق به. قلت: ويحك، لعلها خير سفرة سافرتها.


[١] في ت: «من جيرانك وإخوانك» .
[٢] في الأصل: «الموافقة» .
[٣] في الأصل: «ولم ويحك» .
[٤] «بالكوفة له» ساقطة من ت.
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٦] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل ومكانها: «ولكني بلغني» .
[٧] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٨] في ت: «يا أخي والله» .
[٩] في ت: «وما هو إلا أني» .

<<  <  ج: ص:  >  >>