للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَبِيهِ قَالَ: حدثني علي بن هشام الكاتب قَالَ: حدثنا علي بن مقلة قَالَ: حدثني أبو عيسى بْن سعيد الديناري، عن أبي أيوب سليمان بن وهب، عن ابن طالوت كاتب ابن وهب [١] قَالَ: سَمِعْتُ الفضل بن الربيع يَقُولُ: لما استترت عن المأمون أخفيت نفسي عن عيالي وولدي، وكنت أستقل وحدي، فلما قرب المأمون من بغداد زاد حذري وخوفي على نفسي فشددت في الاحتياط والتواري وأفضيت إلى منزل بزاز كنت أعرفه بباب الطاق، وشدد المأمون في/ طلبي، فلم يعرف لي خبرا، فتذكرني يوما واغتاظ وجد بإسحاق بن إبراهيم في طلبي وأغلظ له، فخرج إسحاق من حضرته، فجد بأصحاب الشرط حتى أوقع ببعضهم المكاره، ونادى في الجانبين بأن من جاء بي فله عشرة آلاف درهم وأقطاع بثلاثة آلاف دينار كل سنة، وأن من وجدت عنده بعد النداء ضرب خمسمائة سوط، وهدمت داره، وأخذ ماله، وحبس طول عمره، فما شعرت إلا بصاحب الدار قد دخل علي فأخبرني بخبر النداء، وقال: والله ما أقدر بعد هذا على سترك ولا آمن زوجتي ولا جاريتي ولا غلامي، تشره نفوسهم إلى المال فيدلون عليك فأهلك بهلاكك، فإن صفح الخليفة [عنك] [٢] لم آمن أن تتهمني [أنت] [٣] أني دللت عليك، فيكون ذلك أقبح، وليس الرأي لي ولك إلا أن تخرج عني. فورد علي أعظم مورد وقلت: إذا جاء الليل خرجت عنك فَقَالَ: ومن يطيق الصبر على هذا إلى الليل، فإن وجدت عندي قبل الليل فكيف يكون حالي؟ وهذا وقت حار، وقد طال عهد الناس بك، فتنكر واخرج فقلت: وكيف أتنكر؟ قَالَ: تأخذ أكثر لحيتك، وتغطي رأسك، وتلبس قميصا ضيقا. ففعلت ذلك، وخرجت في أول أوقات العصر وأنا ميت جزعا، فمشيت في الشارع حتى بلغت الجسر فوجدته خاليا فتوسطته، فإذا بفارس من الجند الذين كانوا يتناوبون في داري أيام وزارتي قد قرب مني وعرفني فَقَال: طلبة أمير المؤمنين والله وعدل إلي ليقبض علي، فمن حلاوة النفس دفعته ودابته، فوقع في بعض سفن البحر، وأسرع الناس لتخليصه وظنوا أنه/ قد زلق لنفسه فزدت أنا المشي من غير عدو لئلا ينكر حالي، إلى أن عبرت الجسر، ودخلت درب سليمان، فوجدت امرأة على باب دار


[١] في ت: «كاتب ابن طاهر» .
[٢] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٣] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>