للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقاما على الإنكار فضربتهما، فاعترفا على الجارية بكل ما كان في الرقعة وإني لم أذق أمس ولا اليوم شيئا، وقد هممت بقتل الجارية. قال: فوجدت مصحفا بين يديه ففتحته، وكان أول ما وقعت عيني عليه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ [فَتُصْبِحُوا عَلى مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ] ٤٩: ٦ [١] الآية.

قال: فشككت أنا في صحة الحديث، وأريته ما خرج به الفأل، وقلت له: دعني أتلطف في كشف هذا. فقال: افعل، فخلوت بأحد الخادمين ورفقت به وباحثته عن الأمر، فقال: النار ولا العار، وذكر أن امرأة أحمد بن أبي خالد وجهت إليه بكيس فيه ألف دينار وسألته الشهادة على الجارية وأمرته أن لا يذكر شيئا إلا بعد أن يوقع به المكروه لئلا يرتاب به [٢] ، ويكون أثبت للخبر، وأحضر الكيس مختوما بخاتم المرأة، ودعوت الآخر فاعترف بمثل ذلك، وأمرته أن لا/ يذكر شيئا، فأكتب إلى أحمد بالبيان، فما وصل إليه [٣] حتى وردت عليه رقعة الحرة [٤] تعلمه أن الرقعة الأولى من فعلها كانت غيرة عليه من الجارية، وأن جميع ما فيها باطل، وأنها حملت الخادمين على ذلك، وأنها تائبة إلى الله من هذا الفعل، فجاءته براءة الجارية من كل جهة، فسر بذلك وزال ما كان به، وأحسن إلى الجارية.

قال أبو بكر الصولي: مات أحمد بن أبي خالد وزير المأمون يوم الاثنين لعشر خلون من ذي الحجة [٥] سنة إحدى عشرة ومائتين، فصلى عليه المأمون، فلما دلي في قبره ترحم عليه وقال: كنت والله كما قال الشاعر:

أخو الجد إن جد الرجال وشمروا ... وذو باطل إن كان في القوم باطل


[١] سورة: الحجرات، الآية: ٦.
[٢] في ت: «مكروها ينهمه» .
[٣] في ت: «فبادرت إلى أحمد بالبشارة فما وصلت إليه» .
[٤] في الأصل: «رقعة أخرى» .
[٥] في ت: «ذي القعدة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>