للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ وهب بْن منبه [١] : أصاب ناسا من بَنِي إسرائيل بلاء وشدة/ من الزمان فشكوا مَا أصابهم، وَقَالُوا: يا ليتنا متنا فاسترحنا مِمَّا نحن فِيهِ، فأوحى اللَّه تَعَالَى إِلَى حزقيل: إِن قومك صاحوا من البلاء وزعموا أنهم ودوا لو مَاتُوا فاستراحوا، وأي راحة لَهُمْ فِي الْمَوْت، أيظنون أني لا أقدر أَن أبعثهم بَعْد الْمَوْت، فانطلق إِلَى جبانة كَذَا وكذا فَإِن فِيهَا أربعة آلاف- قَالَ وهب: وَهُمْ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ٢: ٢٤٣ [٢]- فقم فيهم فنادهم، وكانت عظامهم قَدْ تفرقت، فرقتها الطير والسباع، فناداها حزقيل، فَقَالَ: يا أيتها العظام، إِن اللَّه يأمرك أَن تجتمعي، فاجتمع عظام كُل إِنْسَان مِنْهُم، ثُمَّ نادى ثانية فَقَالَ: أيتها العظام إِن اللَّه يأمرك أَن تكتسي اللحم، فاكتست اللحم، وبعد اللحم جلدا، فكانت أجسادا، ثُمَّ نادى الثالثة أيتها الأرواح إِن اللَّه يأمرك أَن تعودي فِي أجسادك، فقاموا بإذن اللَّه وكبروا تكبيرة واحدة.

وَقَالَ السدي عَنْ أشياخه [٣] : كانت قرية يقال لَهَا داوردان وقع بها الطاعون فهرب عامة أهلها، فهلك من بقي فِي القرية وسلم الآخرون، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين، فَقَالَ الَّذِين سلموا: أَصْحَابنا هَؤُلاءِ كَانُوا أحزم منا، لو صنعنا كَمَا صنعوا بقينا! ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم.

فوقع فِي قابل فخرجوا [٤] وَهُمْ بضعة وستون ألفا حَتَّى نزلوا ذَلِكَ المكان، وَهُوَ واد أفيح، فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه: موتوا، فماتوا.

فمر بهم نبي يقال لَهُ هزقيل [٥] ، فوقف عَلَيْهِم وجعل يفكر فيهم، فأوحى اللَّه إليه:

أتريد أن أريك كَيْفَ أحييهم؟ قَالَ: نعم، فقيل لَهُ: ناد، فنادى: يا أيتها العظام إِن اللَّه يأمرك أَن تجتمعي، فجعلت العظام يطير بَعْضهَا إِلَى بَعْض حَتَّى كانت أجسادا من عظام، ثُمَّ أوحى إِلَيْهِ أَن ناد: يا أيتها العظام إِن اللَّه يأمرك أَن تكتسي لحما ودما، ثم قيل له: ناد، فنادى يا أيتها الأجساد إن الله يأمرك أَن تقومي، فقاموا.


[١] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٤٥٨.
[٢] سورة: البقرة، الآية: ٢٤٣.
[٣] الخبر في تاريخ الطبري ١/ ٤٥٨.
[٤] في الطبري ١/ ٤٥٨: «فهربوا» .
[٥] كذا في الأصل، وفي تاريخ الطبري وتفسيره: «حزقيل» .

<<  <  ج: ص:  >  >>