للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّه من شرهم، فائتمروا أَن يهربوا من بلاده، فخرجوا متوجهين إِلَى زرح ملك الهند.

فلما دخلوا عليه سجدوا وشكو إِلَيْهِ مَا جرى عَلَيْهِم، وَقَالُوا: أَنْتَ أولى بملكنا، فَقَالَ: مَا كُنْت مجيبكم ( [١] إِلَى مقاتلة قوم لعلكم أطوع لي منكم، حَتَّى أبعث إليهم أمناء، فإن كان الأمر على مَا قلتم نفعكم ذَلِكَ عندي وإلا أنزلت بكم العقوبة.

فاختار من قومه جواسيس ليعلموا علم الْقَوْم ويبحثوا لَهُ عَنْ شأن تلك الأَرْض.

فجهزهم وأعطاهم جواهر وكسوة ليبيعوا ذَلِكَ هنالك. فساروا كالتجار حتى فصلوا عَلَيْهِم ودعوا النَّاس إِلَى أَن يشتروا [٢] مِنْهُم.

وَكَانَ أسا الْمَلِك قَدْ تقدم إِلَى نساء بَنِي إسرائيل إنه إِن رأى امرأة لا زوج لَهَا بهيئة امْرَأَة لَهَا زوج قتلها أَوْ نفاها، لأن إِبْلِيس لَمْ يدخل عَلَى أهل الدين في دينهم بأشد من مكيدة النِّسَاء. فكانت المرأة الَّتِي لا زوج لَهَا لا تخرج إلا فِي ثياب رثة، فكان النِّسَاء يشترين من هذه الأمتعة سرا بالليل، وَلَمْ يزل أولئك ينظرون فِي أحوال المدينة حَتَّى عرفوا جميع أخبارها، فكانوا قَدْ ستروا محاسن مَا معهم ليجعلوه هدية للملك، فَقَالُوا لِلنَّاسِ: مَا بال الْمَلِك لا يشتري منا شَيْئًا وعندنا من الطرائف، ثُمَّ نحن نعطيه بغير ثمن.

فَقَالُوا لَهُمْ: إِن لَهُ من الخزائن مَا لا يقدر عَلَى مثله، إنه استفرغ الخزائن الَّتِي سار بها موسى من مصر، والحلي الَّذِي كَانَ بنو إسرائيل أخذوا، وَمَا جمع يوشع وسليمان والملوك.

قَالُوا: فبماذا يقاتل عدوا إِن عرض لَهُ؟ فَقَالُوا لَهُمْ: إِن عدته للقتال قليلة، غَيْر أَن لَهُ صديقا لو استعان بِهِ عَلَى أَن يزيل ( [٣] الجبال أزالها، فَإِذَا كَانَ مَعَهُ صديقه فليس شَيْء من الخلق يطيقه.

قَالُوا: ومن صديقه وكم عدد جنوده؟ قَالُوا: لا تحصى جنوده، وكل شَيْء من الخلق لَهُ، لو أمر البَحْر لطم [عَلَى البر] [٤] .

فدخل بَعْض الجواسيس عَلَى أسا الْمَلِك، وَقَالَ: إِن معنا هدية نريد أَن نهديها لَكَ من طرائف، أَوْ تشتري منا فنرخصه عليك.


[١] في الأصل مجيبهم، ولا يستقيم المعنى.
[٢] في الأصل يشترون، وهي للمذكر السالم.
[٣] في الأصل: يزل.
[٤] ما بين المعقوفتين: من تاريخ الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>