للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساسيا له، حيث أولاه ثقة كبيرة، ولم يبتعد عنه إلا من حيث عدم مسايرته في الحرص على سند الرواية، وكان الطبري في كتابه «تاريخ الرسل والملوك» مصدر المنتظم من الخليقة، وسايره وفق العصور التاريخية التالية، فقد كان تعويله عليه كليا، وبخاصة الحوادث السياسية، مكتفيا بذكر الرواية التي يعتبرها أسلم أو أصح من غيرها عند تعدد الروايات للحدث الواحد. وبما أن الطبري يهتم بحوادث العراق والمشرق الإسلامي أكثر من غيرهما، فإن ابن الجوزي يركز بدوره على هاتين المنطقتين أكثر من غيرهما [١] .

وكان ابن الجوزي قد استقى نصوصا من موارد الطبري كأبي مخنف لوط بن يحيى، وسيف بن عمر، وهشام الكلبي، ومحمد بن عمر الواقدي، والهيثم بن عدي، وعلي بن محمد المدائني، وغيرهم.

وكانت بعض النصوص متطابقة مع الطبري، وحيث ابن ابن الجوزي لم يذكر أنه نقل مباشرة عن أي واحد من هؤلاء فإن اعتماده على الطبري في نقله عنهم قد يبدو محتملا، إلا أن هذا الاحتمال لا ينفي احتمالا آخر هو أن كتب هؤلاء لم تكن قد ضاعت عند تدوين المنتظم، وأن نقله عنها كان مباشرا [٢] .

ولا يقل «تاريخ بغداد» للخطيب البغدادي أهمية في تراجم المنتظم عن الطبري في حوادثه، فابن الجوزي قد أعتمده كثيرا، واعتمد على موارده أيضا، وإن لم يشر إليه في كثير من الأحيان، فهو حتى عام ٤٥٨ هـ- يستظل بالخطيب البغدادي، سواء بالنقل الحرفي منه أو باختزال السند والمتن أو أحدهما، ولكنه في بعض الأحيان كان ناقدا لاذعا ومجرحا عنيفا للخطيب البغدادي [٣] .

أما بالنسبة للحديث النبوي فقد اعتمد على الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو في أكثر الأحيان يعتمدهما معا، وفي أحيان أخرى يعتمد على أحدهما، وأحيانا عليهما أو على أحدهما بمعيّة الإمام أحمد في «المسند» [٤] .


[١] انظر: الدكتور حسن عيسى علي الحكيم: كتاب المنتظم، دراسة في منهجه وموارده وأهميته، ص ١٣.
[٢] انظر المصدر السابق، ص ١٣، ١٤.
[٣] المصدر السابق، ص ١٤.
[٤] المصدر السابق، ص ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>