للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوموا بنا حتى نتناظر في غير هذا الموضع، وأكرموا [١] مجلس أمير المؤمنين عن ارتفاع الأصوات فيه. فأخذ بأيديهم وأخرجهم من مضرب المعتمد، وأدخلهم مضرب نفسه، لأنه لم يكن بقي مضرب غير مضربه، فلما دخلوا حضر بالقيود، فشد غلمانه عليهم، فقيدوهم ثم مضى إلى المعتمد فعدله [٢] في شخوصه عن دار ملكه وملك آبائه، وفراقه أخاه [٣] على الحال التي هو بها، ثم رده إلى سامراء في شعبان، فخلع على ابن كنداج، وسمى ذا السيفين.

وخرج الأمر في هذه السنة بتكنية صاعد بالعلاء في الكتب [٤] ، وعقد له على بلاد، وانحدر صاعد إلى الموفق، واستخلف ابنه العلاء، وسمى صاعد: ذا الوزارتين، وكانوا قد [٥] عزموا أن يسموه: ذا التدبيرين. فقال لهم أبو عبيد الله: لا تسموه بشيء ينفرد به، ولكن سموه: ذا الوزارتين، أو ذا الكفايتين، ليكون مضافا إليكم. فسموه ذا الوزارتين.

وروى أبو بكر الصولي قَالَ: حدثني المعلي بن صاعد قَالَ: سعوا إلى الموفق بصاعد، وضمنوه بمال عظيم، وجعلوا الرقعة تحت ذنب طائر، وأطلقوه، وكان أبي قد أنكر من الموفق شيئا، فعزم أن يحمل إليه مائتي ألف درهم كانت عنده، ثم قَالَ: والله لا فعلت، ولأتصدقن بمائة ألف درهم منها. ففعل ذلك في غداة ذلك اليوم الذي ركب/ فيه زورق، فبينا هو يسير إذ سقط في زورقه طائر، فأخذ فوجدت فيه رقعة فقرأها صاعد، فإذا هي سعاية به، فعلم أن الله تعالى كفاه لأجل صدقته، ودخل إلى الموفق فأراه الطائر، وأراه الرقعة، وعرفه ما عمل، فعظم في عينه، وجلت مكانته [٦] عنده، وَقَالَ: ما فعل الله بك هذا إلا لخير خصك به.

وفي هذا الشهر: أحرق أصحاب الموفق قصر ملك الزنج، وانتهبوا ما فيه، وذلك


[١] في ك: «الزموا» .
[٢] «فعدله» ساقطة من ك.
[٣] في ك: «وقد أقر أخاه»
[٤] في ك: «في الكنية» .
[٥] «قد» ساقطة من ك.
[٦] في ك: «وجلت حاله» .

<<  <  ج: ص:  >  >>