للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت أمه بسر من رأى، فبلغه انها تبكيه [١] لبعده، فرجع إليها فخرج على الرفقة الذين صحبهم أعراب، فقاتلهم أشد قتال، ونصر عليهم، وخلص من أيديهم أموالا قد حملت إلى المستعين، فحسن مكانه عنده، وبعث إليه المستعين/ سرا ألف دينار، وَقَالَ للرسول: عرفه [٢] محبتي له، وإيثاري [٣] لاصطناعه غير أني [٤] أخاف أن أظهر له ما في قلبي فيقتله الأتراك.

ثم استدام الإنعام عليه، ووهب له جارية اسمها: مياس، فولدت له ابنه خمارويه في محرم سنة خمسين ومائتين، ولما تنكر الأتراك للمستعين وخلعوه وولوا المعتز احدروه إلى واسط وفالوا: من تختار أن يكون في صحبتك؟ فقال: أَحْمَد بن طولون.

فبعثوه معه، فأحسن صحبته، ثم خاف غلمان المتوكل من كيد المستعين، فكتبوا إلى أَحْمَد بن طولون أن [أقتله فان] [٥] قتلته وليناك واسطا.

فكتب إليهم: والله لا رآني الله قتلت خليفة بايعت [٦] له أبدا. فأنفذوا إليه سعيدا الحاجب، فلما رآه المستعين قَالَ: قد جاء جزار بني العباس، فتسلمه، وضرب خيمة على بعد، فأدخله [٧] إليها، ثم خرج والقاها على ما فيها ورحل. فلما بعد [٨] نظروا، فإذا هو قد حمل رأس المستعين معه، فغسل أَحْمَد بن طولون الجثة وكفنها وواراها، وعاد إلى سرمن رأى، فزاد محله عند الأتراك، ووصفوه بحسن المذهب، فولوه مصر نيابة عن أميرها في سنة أربع وخمسين، فقال حين دخلها: غاية ما وعدت بِهِ [٩] في قتل المستعين ولاية واسط، فتركت ذلك لاجل الله تعالى فعوضني الله ولاية مصر والشام.


[١] في الأصل: «باكية» .
[٢] في الأصل: «قل له» .
[٣] في ك: «وإشارتي»
[٤] في ك: «ولكن» .
[٥] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[٦] في ك: «بايعته»
[٧] في الأصل: «فأخرجه» .
[٨] «بعد» ساقطة من ك.
[٩] «به» ساقطة من ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>