للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه قد عزل عمرو بن الليث عما كان قلده ولعنه بحضرتهم، واعلمه أنه قد قلد خراسان مُحَمَّد بن طاهر، وأمر بلعن عمرو على المنابر فلعن.

وفي هذه السنة: وثب يوسف بن أبي الساج وكان والي مكة على غلام الطائي يُقَالُ له: بدر، خرج علي الحاج فقيده، فحارب ابن أبي الساج أصحاب بدر، وأعانهم الحاج حتى استنقذوا غلام الطائي، وأسروا ابن أبي الساج فقيدوه، وحمل إلى بغداد، وكانت الحرب بينهم على أبواب المسجد الحرام.

أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ الْمُحْسِنِ التنوخي، عن أبيه قال: حدثني أبو السري عمر بن مُحَمَّد القاري [قَالَ] حدثني أبو بكر الآدمي قَالَ: لما أدخل مؤنس أبا القاسم بن أبي الساج أسيرا خرجت إلى تلقيته على فراسخ، ودخلت بغداد معه، فقال لي لما قربنا: إذا كان غدا فإني سأركب ابن أبي الساج وأشهره فاركب بين يديه، واقرأ، فقلت: السمع والطاعة.

فلما كان من الغد شهر ابن أبي الساج ببرنس، فبدأت فقرأت وَكَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَهِيَ ظالِمَةٌ [إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ١١: ١٠٢] [١] واتبعتها بكل ما في القرآن من هذا الجنس/ قَالَ: وحانت مني [٢] التفاتة، فرأيت ابن أبي الساج يبكي. ومضى ذلك اليوم، فلما كان بعد أيام [٣] رضي عنه السلطان بشفاعة مؤنس، فأطلقه إلى داره، فأنا [كنت] [٤] يوما بحضرة مؤنس أقرأ، إذ استدعاني وَقَالَ لي: قد طلبك اليوم ابن أبي الساج، فامض إليه. فقلت له: أيها الأستاذ الله الله في لعله وجد في نفسه من قراءتي ذلك اليوم.

فضحك وَقَالَ: امض إليه. فمضيت إليه، فرفعني واجلسني وَقَالَ: أحب أن تقرأ تلك الآيات التي قرأتها بين يدي يوم كذا. فقلت: أيها الأمير، تلك حالة اقتضت ذلك، وليس مثلك بأخذ مثلي عليها، وقد كشفها الله الآن، ولكن اقرأ لك غيرها. قَالَ: لا إلا تلك، فانه تداخلني لها خشوع وخوف أحب أن أكسر بها نفسي، فردد سماعها علي


[١] سورة: هود، الآية: ١٠٢.
[٢] في ك: «منه» .
[٣] في الأصل: «بعد دهر» .
[٤] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>