للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رطل من الثلج، وزاد ثمن الشمع والكاغد [١] يومئذ، فكان هذا من فضائله، وَكَانَ بين اعتقاله وبين رجوعه إلى الوزارة [٢] خمس سنين وأربعة أيام، وسمع بعض العوام يوم خلع عليه يقول: «وا لك خذ إليك أخذوا منا مصحفا وأعطونا طنبورا» فبلغ ذلك الخليفة، فكان ذلك سبب الإحسان إلى عَلي بْن عيسى، وحسن النية فيه إلى أن أخرج عن الحبس.

وفى فصل الصيف من هذه السنة: تفزع الناس من شيء من الحيوان يسمى الزبزب [٣] ، ذكروا أنهم يرونه بالليل على سطوحهم، وأنه يأكل أطفالهم، وربما قطع [٤] يد الإنسان إذا كَانَ نائما، وثدي المرأة فيأكله، فكانوا يتحارسون طول الليل، ويتزاعقون، ويضربون الطسوت والهواوين [٥] والصواني ليفزعوه فيهرب. وارتجت بغداد من الجانبين بذلك، واصطنع الناس [٦] لأطفالهم مكابا من سعف يكبونها عليهم بالليل، ودام ذلك حتى أخذ السلطان حيوانا أبلق كأنه من كلاب الماء، وذكروا أنه الزبزب، وانه صيد، فصلب عند رأس الجسر الأعلى بالجانب الشرقي فبقي مصلوبا إلى أن مات، فلم يغن ذلك شيئا، وتبين الناس أنه لا حقيقة لما توهموه، فسكنوا إلا أن اللصوص وجدوا فرصة بتشاغل الناس بذلك الأمر، وكثرت النقوب وأخذ الأموال [٧] .

وورد الخبر في هذه السنة من خراسان أنه وجد بالقندهار في أبراج سورها أزج متصل بها فيه ألف رأس في سلاسل [٨] ، من هذه الرءوس تسعة وعشرون رأسا، في اذن


[١] «الكاغد» . ساقط من ص، ل.
[٢] في ك: «وكانت مدة اعتقاله إلى أن رجع إلى الوزارة» . وفي ت: «وكانت مدة اختفاءه إلى أرجع الى الوزارة» .
[٣] في البداية والنهاية لابن كثير (١١/ ١٢٦) : «الزرنب» . وهو تصحيف. وفي حياة الحيوان للدميري، وشرح القاموس: الزبزب بزاءين بينهما باء موحدة كالسنور، وهي بلقاء بسواد، قصيرة اليدين والرجلين» .
[٤] في ك: «وربما قلع» . وفي تكملة تاريخ الطبري: «قطع» .
[٥] في ت: «ويضربون الطبول والهواوين» . وفي التكملة (٢١٠) : «فكانوا يضربون بالهواورين ليفزعوه» . وفي الكامل (٦/ ٤٩٥) : «فكان الناس يتحارسون ويتزاعقون ويضربون بالطشوت والصواني وغيرها ليفزعوه» .
[٦] في ت: «وأصلح الناس» وفي التكملة: «وعمل الناس لأولادهم مكاب من سعف يكبونها عليهم» .
[٧] في ت: «وأخذت الأموال» .
[٨] في ت: «متصل بها خمسة آلاف رأس في سلاسل» . ولم يذكر في البداية العدد

<<  <  ج: ص:  >  >>