للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على غير الطريق، فعارضهم أَبُو طاهر وقاتلهم يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة بقيت من المحرم سنة اثنتي عشرة، فقتل منهم قتلا مسرفا وأسر أَبَا الهيجاء عَبْد اللَّه بْن حمدان، وَكَانَ إلَيْهِ الكوفة وطريق مكة وبذرقة الحاج، وأسر معه جماعة من خدم السلطان وأسبابه [١] ، وأخذ جمال الحاج وسبى من اختار من النساء والرجال والصبيان، وسار بهم إلى هجر، وترك باقي الحاج في مواضعهم بلا جمال ولا زاد، وكانت سن أبي طاهر في ذلك الوقت سبع عشرة سنة، فمات أكثر الحاج بالعطش والحفاء، وحصل له ما حزر من الأموال ألف ألف دينار، ومن الأمتعة والطيب وغير ذلك بنحو ألف ألف، وَكَانَ جميع عسكره نحوا من ثماني مائة فارس، ومثلهم رجاله، فانقلبت بغداد، وخرجت النساء منشورات الشعور مسودات الوجوه يلطمن ويصرخن في الشوارع، وانضاف إليهن [٢] حرم المنكوبين الذين نكبهم ابن الفرات، وكانت صورة شنيعة، فركب ابن الفرات إلى المقتدر وحدثه الحال، فَقَالَ له نصر الحاجب: الساعة تقول أي شيء الرأي؟ بعد أن زعزعت أركان الدولة وعرضتها للزوال بإبعادك مؤنس المظفر الذي يناضل الأعداء. ومن الذي أسلم رجال السلطان وأصحابه إلى القرمطي سواك؟ وأشار نصر على المقتدر بمكاتبة مؤنس بالتعجيل إلى الحضرة، فأمر أن يكتب إليه بذلك، ووثب العامة على ابن الفرات، فرجمت طيارته بالآجر، ورجمت داره، وصاحوا: يا ابن الفرات القرمطي الكبير، وامتنع الناس من الصلاة في الجوامع، ثم قبض على ابن الفرات وابنيه وأسبابه [٣] ، وحمل إلى دار نازوك والعامة يضربونه بالآجر، ويقولون: قد قبض على القرمطي الكبير، وأخذ خطه بألفي ألف دينار، وَكَانَ ابنه المحسن يخرج في زي النساء، فغمز عليه فأخذ وكتب خطه بثلاثة آلاف ألف دينار، وقتل ابن الفرات وولده المحسن، ووزر أَبُو الْقَاسِم عبد الله بْن مُحَمَّد الخاقاني.

وورد كتاب من مُحَمَّد بْن عبد الله الفارقي [٤] من البصرة يذكر أن كتاب أبي


[١] «وأسبابه» : ساقطة من ص، ل.
[٢] في ك: «وانضم إليهن» .
[٣] في ت: «علي ابن الفرات وابنه وأنسابه» .
[٤] في ت، ل، ص: «من محمد بن عبيد الله الفارخي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>