للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنبأنا محمد بن أبي طاهر، قَالَ: أنبأنا علي/ بْن المحسن، عن أبيه، قال:

حدثني أَبُو الحسين عبد الله بْن أَحْمَد بْن عياش القاضي: ان رجلا دامت عطلته، فزور كتبا عن عَلي بْن مُحَمَّد بْن الفرات وهو وزير إلى أبي زنبور عامل مصر [١] ، وخرج إليه فلقيه بها فأنكرها [أَبُو زنبور] [٢] لإفراط التأكيد فيها، واستراب بالخطاب، فوصل الرجل بصلة يسيرة وأمر له بجراية، وَقَالَ: تأخذها إلى أن أنظر في أمرك، وأنفذ الكتب إلى ابن الفرات، وَكَانَ فيها: إن للرجل حرمة وكيدة بالوزير وخدمة قديمة، فوصلت الكتب إلى أبي الحسن ابن الفرات وأصحابه بين يديه فعرفهم ذلك، وَقَالَ: ما الرأي؟ فقال بعضهم: تقطع يده للتزوير على الوزير وَقَالَ بعضهم: يقطع إبهامه، وَقَالَ بعضهم:

يضرب ويحبس، وَقَالَ بعضهم: يكشف أمره لأبي زنبور حتى يطرده، فَقَالَ ابن الفرات:

ما أبعد طباعكم عن الجميل! رجل توسل بنا وتحمل المشقة إلى مصر بجاهنا ولعله كَانَ لا يصل إلينا فيأخذ كتبنا، فخفف عنا بأن كتب لنفسه يكون حظه الخيبة؟ ثم كتب على الكتاب المزور إلى أبي زنبور [٣] هذا كتابي ولا أعلم لأي سبب أنكرته، ولا لأي سبب استربت به، وحرمة صاحبه بي وكيدة، وسببه عندي أقوى مما تظن، فأجزل عطيته وتابع بره. فلما كَانَ بعد مدة طويلة دخل عليه رجل جميل الهيئة، فأقبل يدعو له ويبكى ويقبل الأرض بين يديه وابن الفرات لا يعرفه، ويقول: بارك الله عليك مالك. فقال: أنا صاحب الكتاب المزور إلى أبي زنبور الذي حققه بفضل الوزير فعل الله به وصنع، فضحك ابن الفرات وَقَالَ: فبكم وصلك؟ فقال: وصل إلي من ماله وبتقسيط قسطه لي وبتصرف صرفني [٤] عشرون ألف دينار، فَقَالَ: الزمنا فانّا ننفعك بأضعافه [٥] .

واستخدامه فأكسبه مالا عظيما.

قَالَ: ابن عياش: وَكَانَ أول ما انحل من نظام سياسة الملك فيما شاهدناه


[١] على هامش المطبوعة: «هو الحسين بن أحمد المادرائي» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.
[٣] «إلى أبي زنبور» : ساقطة من ص، ل.
[٤] «وبتقسيط قسطه لي، وبتصرف صرفني» : ساقطة من ك.
[٥] في ك: «الزمنا فإنا ننفعك بأضعافها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>