للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النعمة، وانتهيت إلى ما استفاض خبره، ولما نكبني المقتدر وأخذ مني تلك الأموال العظيمة أصبحت يوما في الحبس آيس ما كنت فيه من الفرج، فجاءني خادم، فَقَالَ:

البشرى، قلت: وما الخبر؟ قَالَ: قم فقد أطلقت، فقمت معه فاجتاز بي في بعض دور الخليفة يريد إخراجي إلى دار السيدة، لتكون هي التي تطلقني، لأنها هي شفعت في، فوقعت عيني على أعدال خيش لي أعرفها، فكان مبلغها مائة عدل، فقلت: أليس هذا من الخيش [١] الذي حمل من داري، قَالَ: بلى؟ فتأملته فإذا هو مائة عدل [٢] ، وكانت هذه الأعدال قد حملت إلي من مصر في كل عدل منها ألف دينار، وَكَانَ لي هناك حافظ عليه [٣] ، فجعلوه في أعدال الخيش فوصلت سالمة ولاستغنائي عن المال لم أخرجه عن الأعدال وتركته في بيت من داري، وقفلت عليه، ونقل كل مال في داري فكان آخر ما نقل الخيش منها، ولم يعرف أحد ما فيه، فلما رأيته بشدة طمعت في خلاصه، فلما كَانَ بعد أيام من خروجي راسلت السيدة وشكوت حالي إليها وسألتها أن تدفع إلي ذلك الخيش لأنتفع بثمنه إذ كَانَ لا قدر له عندهم ولا حاجة لهم إليه، فوعدتني بخطاب المقتدر في ذلك، فلما كَانَ بعد أيام أذكرتها [٤] ، فقالت: قد أمر بتسليمه إليك، فسلم إلي بأسره، ففتحته فأخذت منه المائة ألف دينار ما ضاع منه شيء، وبعت من الخيش ما أردت بعد أن أخذت منه قدر الحاجة.

قَالَ المحسن، وحدثني أَبُو العباس هبة الله بن المنجم أن جده حدثه: أنه لما قبض المقتدر على ابن الجصاص أنفذ إلى داره من يحصي ما فيها ويحمله، فَقَالَ لي:

الذي كتب الإحصاء إنا وجدنا له في قماشه سبعمائة مزملة جباب [٥] ، فما ظنك بما يكون هذا في جملته.

قَالَ المحسن: وحدثني أَبُو الحسين بْن عياش أنه سمع جماعة من ثقات الكتاب،


[١] «فقلت: أليس هذا من الخيش» : ساقطة من ك.
[٢] «فإذا هو مائة عدل» : ساقطة من ص، ل.
[٣] في ص: «وكان لي هناك خافوا عليه» .
[٤] في ك: «فلما كان بعد أيام ذاكرتها» .
[٥] في ك: «سبعمائة مزملة خيزران» .

<<  <  ج: ص:  >  >>