للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي عبد الله مُحَمَّد بْن داود بْن الجراح وسنه يومئذ ست عشرة سنة، وذلك في سنة ثمان وثمانين، فأقام معه ثمانية أشهر، ثم انتقل إلى أبي الحسن ابن الفرات قبل تقلده الوزارة، وأجرى له مثل ذلك، وَكَانَ يسترفق في أيامه بقضاء الحوائج، ثم زاده في الجراية وولى ابن الفرات الوزارة، ثم عزل وأعيد، فقلد غير ابن مقلة المكاتبات، فسعى به ابن مقلة حتى صرف ثم عاد إلى الوزارة فقبض على ابن مقلة وصادره على مائة ألف دينار، ثم آل الأمر إلى أن وزر لثلاثة خلفاء.

وزر ابن مقلة للمقتدر في سنة ست عشرة وثلاثمائة، وقبض عليه في آخر سنة سبع عشرة، ووزر للقاهر سنة عشرين واستتر عنه خوفا منه سنة إحدى وعشرين فلم يظهر حتى بويع للراضي باللَّه، وَقَالَ: كنت مستترا في دار أبي الفضل بْن مارى النصراني بدرب القراطيس، فسعى بي إلى القاهر وعرف موضعي فبينا أنا جالس [١] وقد مضى نصف الليل أخبرتنا زوجة ابن مارى أن الشارع قد امتلأ بالمشاعل والخيل، فطار عقلي ودخلت بيتا فيه تبن فدخلوه ونبشوه بأيديهم [٢] ، فلم أشك إني مأخوذ فعاهدت الله تعالى أنه إن نجاني أن انزع عن ذنوب كثيرة [٣] ، وإن تقلدت الوزارة أمنت المستترين وأطلقت ضياع المنكوبين ووقفت وقوفا على الطالبيين، فما استتممت نذري حتى خرج الطلب وكفاني الله أمرهم.

وَكَانَ ابن مقلة قد نفى أبا العباس أَحْمَد بْن عُبَيْد اللَّهِ الخصيبي، وسليمان بن الحسن، وكلاهما وزراء للمقتدر، وتقدم بإنفاذهما في البحر فخب بهما البحر ويئسا من الحياة، فَقَالَ الخصيبي: اللَّهمّ إنى أستغفرك من كل ذنب وخطيئة، وأتوب إليك من معاودة معاصيك إلا من مكروه أبي على ابن مقلة [٤] فإنني إن قدرت عليه جازيته عن ليلتي هذه وما حل بي منه فيها، وتناهيت في الإساءة إليه، فَقَالَ سليمان: ويحك في هذا الموضع وأنت معاين للهلاك تقول هذا؟ فَقَالَ: لا أخادع [ربي] [٥] وأعيد من عمان،


[١] في ل، ص، والمطبوعة: «وعرف موضعي فإنّي جالس» .
[٢] في ل: «وفتشوه بأيديهم» .
[٣] في ك: «أنزع عن ذنوبي كلها» .
[٤] في ك: «علي بن مقلة في خلافة الراضي» .
[٥] ما بين المعقوفتين: ساقط من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>