للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى، قالوا الباطل. قَالَ الملك: فاحتكم فِي خصلتين فإنك مجاب إليهما وإني قاتلك، قَالَ: ولا بد من قتلي بقول هَؤُلاءِ؟ قَالَ: لا بد من ذلك، قَالَ: فإني أحكم أن أضرب رقبة الملك بمدقتي هَذِهِ، قَالَ له الملك: يا جاهل، لو حكمت بما يجدي عَلَى من تخلف كان أصلح لهم. قال: ما أحكم إلا بضربة لرقبة الملك. فَقَالَ الملك لوزرائه: ما ترون فيما حكم به هَذَا الجاهل، قالوا: نرى إن هَذِهِ سنة أنت سننتها، وأنت تعلم ما فِي نقض/ السنن من العار والبوار وعظيم الإثم، ومتى نقضت سنة نقضت أخرى ثم أخرى، ثم يكون ذلك لمن بعدك كما كان لك، فتبطل السنن. قَالَ: فاطلبوا لي القصار أن يحكم بما شاء ويعفيني من هَذِهِ، فإني أجيبه إِلَى ذلك ولو بلغ شطر ملكي.

فطلبوا إليه، قَالَ: ما أحكم إلا بضربة فِي رقبته، فلما رأى الملك ما عزم عَلَيْهِ القصار عقد [١] له مجلسا عاما، وأحضر القصار وأبدى مدقته فضرب بها عنق الملك ضربة أزاله [عن موضعه] [٢] ، فخر الملك مغشيا عَلَيْهِ، فأقام ستة أشهر عليلا [٣] ، وبلغت به العلة حدا كان يجرع فيها الماء بالقطن.

فلما أفاق وتكلم، وطعم وشرب سأل عَنِ القصار، فقيل له: إنه محبوس، فأمر بإحضاره، وَقَالَ: قد بقيت لك خصلة فاحكم فيها فإني قاتلك لا محالة. فَقَالَ القصار:

فإذا كان ولا بد فإني أحكم أن أضرب الجانب الآخر ضربة أخرى، فلما سمع الملك بذلك خر عَلَى وجهه من الجزع، وَقَالَ: ذهبت والله إذا نفسي. ثم قَالَ للقصار: ويلك دع عنك ما لا ينفعك، فإنه لن ينفعك [٤] ما مضى فاحكم بغيره أنفذه لك كائنا ما كان، قَالَ: ما راحتي إلا فِي ضربة [٥] أخرى. فَقَالَ الملك لرؤسائه ووزرائه: ما ترون؟ قالوا:

تموت عَلَى السنة، قَالَ: ويلكم والله إنه إن ضرب الجانب الآخر لم أشرب الماء البارد أبدا، لأني أعلم بما قد مر بي. قالوا: فما عندنا حيلة.


[١] في الأصل: «قعد» .
[٢] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، وأثبتناه من ت.
[٣] في ت: «فأقام وقيذا ستة أشهر» وفي الأصل: «عليل» وهو خطأ.
[٤] في ت: «لم ينفعك» .
[٥] في ت: «لا راحتي إلا بضربة أخرى» .

<<  <  ج: ص:  >  >>