للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان أبوه يعرف بعبدان، قال شيخنا ابن ناصر: سمعت أبا زكريا يقول: سمعت أبا القاسم بن برهان، يقول: عبدان بفتح العين جمع عبدانة، وهي النخلة الطويلة، ومن قال: عبدان بكسر العين فقد أخطأ.

ولد المتنبي بالكوفة سنة ثلاث وثلاثمائة، ونشأ بالشام فأكثر المقام بالبادية، وطلب الأدب، وعلم العربية، وفاق أهل عصره في الشعر، واتصل بالأمير أبي الحسن بن حمدان المعروف بسيف الدولة، فانقطع إليه، وأكثر القول في مديحه [١] ، ثم مضى إلى مصر فمدح [بها] [٢] كافورا الخادم [الإخشيدي ثم] [٣] ورد [بعد ذلك] [٤] بغداد.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، أَخْبَرَنَا عَلِي بْن الْمُحْسِنِ التَّنُوخِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى العلويّ، قال:

كان المتنبي وهو صبي ينزل في جوار بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعبدان السقاء، يستقي لنا ولأهل المحلة، ونشأ هو محبا للعلم والأدب، وصحب الأعراب فجاءنا بعد سنين بدويا قحا وكان تعلم الكتابة والقراءة، وأكثر من ملازمة الوراقين.

فأخبرني وراق كان يجلس إليه، قال لي: ما رأيت أحفظ من هذا الفتى ابن عبدان، قلت له: كيف؟ قال: كان اليوم عندي وقد أحضر رجل كتابًا من كتب الأصمعي نحو ثلاثين ورقة ليبيعه، فأخذ ينظر فيه طويلا، فقال له الرجل: يا هذا أريد بيعه وقد قطعتني عن ذلك، / وإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر، فقال له:

فإن كنت قد حفظته في هذه المدة ما لي عليك، قال: أهب لك الكتاب، قال: فأخذت الدفتر من يده، فأقبل يتلوه علي إلى آخره ثم استلمه [٥] فجعله في كمه، فقام صاحبه وتعلق به وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل قد وهبته لي فمنعناه منه، وقلنا له:

أنت شرطت على نفسك هذا للغلام فتركه عليه.


[١] في الأصل: «مدحه» .
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٣] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، ص ما عدا «ثم» لم تسقط من ص.
[٤] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٥] في الأصل: «استلبه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>