للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يحتطب على رأسه، ثم ملكوا البلاد واستولوا عليها، وقد ذكرنا أحوال أبي الحسين ابن بويه وقدومه إلى بغداد في سنة أربع وثلاثين، ودخوله على المستكفي، وحمله المستكفي إلى داره، وغير ذلك من أحواله إلا [١] أنه أصعد إلى بغداد وخلف بواسط عسكره وغلمانه والحاجب الكبير سبكتكين على أن يعود بعد عشرين يومًا إلى واسط، فمرض ببغداد ولحقه ذرب وضعف، وكان لا يثبت في معدته طعام، فعهد إلى ابنه بختيار ولما نزل به الموت أمر أن يحمل إلى بيت الذهب، واستحضر بعض العلماء فتاب على يده، فلما حضر وقت الصلاة خرج ذلك الرجل إلى مسجد ليصلي فيه فقال له معز الدولة: لم لا تصلي ها هنا؟ فقال: إن الصلاة في هذه الدار لا تصح. وسأله عن الصحابة فذكر سوابقهم وأن عليا عليه السلام زوج ابنته أم كلثوم من عمر بن [الخطاب] [٢] فاستعظم ذلك وقال: ما علمت بهذا، وتصدق بأكثر ماله، وأعتق مماليكه، ورد كثيرا من المظالم، وبكى حتى غشي عليه.

وحكى أبو الحسين ابن الشيبة العلوي قال: بينا أنا في داري في دجلة بمشرعة [٣] القصب في ليلة غيم ورعد وبرق سمعت صوت هاتف يقول.

لما بلغت أبا الحسين ... مراد نفسك في الطلب

وأمنت من حدث الليالي ... واحتجبت عن النّوب

مدّت إليك يد الردى ... فأخذت من بيت الذهب

/ فأرخت الوقت وكان لأربع ساعات قد مضين من ليلة الثلاثاء سابع عشر ربيع الآخر سنة ست وخمسين وثلاثمائة، ثم اتصل المطر أيامًا فلما انقشع الغمام وانتشر الناس شاع الخبر بأن معز الدولة قد [٤] توفي في تلك الليلة، وكانت إمارته إحدى وعشرين سنة وأحد عشر شهرًا، وعمره ثلاث وخمسون سنة، وكان قد سد فوهة نهر الرفيل، وشق النهروانات، وعمل المغيض بالسندية، ورد المواريث الحشرية إلى ذوي الأرحام.


[١] من ص، ل: «إلى أنه» .
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٣] من الأصل: «بمشرفة» .
[٤] «قد» سقطت من ص، ل، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>