للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: لَهُ [١] عضد الدولة: بارك الله فيك، فأني أثق بطاعتك، وأتيقن صفاء طويتك، وقد أنشدنا بعض أشياخنا بفارس:

قالوا له إذ سار جانبه [٢] ... فبدلوه البعد بالقرب

والله ما شطت نوى ظاعن ... سار من العين إلى القلب

فدعا له أبو علي، وقال: ائذن [٣] مولانا في نقل هذين البيتين، فأذن له فاستملاهما منه، فلما خرج للقتال التقوا فأخذ عز الدولة أسيرًا، وقتل، ثم ركب بعد ذلك عضد الدولة إلى دار الطائع للَّه في يوم الأحد لتسع خلون من جمادى الأولي، ومعه أصناف الجند، والأشراف والقضاة والشهود والأماثل، والوجوه، فخلع عليه الخلع السلطانية، وتوجه بتاج مرصع بالجوهر، وطوقه وسوره وقلده/ سيفًا وعقد له لوائين بيده أحدهما مفضفض على رسم الأمراء، والآخر مذهب على رسم ولاة العهود، ولم يعقد هذا اللواء الثاني لغيره قبله، ممن يجري مجراه، ولقبه: تاج الملة، مضافا إلى عضد الدولة، وكتب له عهدًا، وقرئ العهد بحضرته، ولم تجر العادة بذلك، وإنما كانت العهود تدفع إلى الولاة بحضرة الخلفاء، فإذا أخذه الرجل منهم قال له: هذا عهدي إليك، فاعمل [به] [٤] وحمله على فرس بمركب ذهب، وقاد بين يديه آخر بمركب مثله، فخرج وجلس في الطيار إلى داره، وجلس من الغد بالخلع والتاج على السرير للهناء، وتقدم بإخراج عشرين ألف درهم في الصدقات، ففرقت على سائر الملل، وبعث إليه الطائع هدايا كثيرة طريفة، فبعث هو خمسمائة جمل، وحمل خمسين ألف ألف دينار، وألف ألف درهم، وخمسمائة ثوب أنواعًا وثلاثين صينية فضة فيها العنبر والمسك والنوافح.

وفي شهر رمضان: وردت المدود العظيمة بسامراء [٥] فقلعت سكر السهلية، وتناهت زيادة دجلة حتى انتهت إلى إحدى وعشرين ذراعا، وانفجر بالزاهر من الجانب


[١] «له» سقطت من ص، ل.
[٢] في الأصل، ص: «أحبابه» وفي ل: «حبابة» .
[٣] في ل: «أيأذن» .
[٤] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٥] في ص، ل: «بتامرا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>