للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مولي المعتضد زوجة أمير المؤمنين المقتدر: باللَّه، فأقامت عنده سنين، وكان لها مكرما، وعليها مفضلا الأفضال العظيم، فتأثلت [١] حالها، وانضاف ذلك إلى عظيم نعمتها الموروثة وقتل المقتدر فأفلتت من النكبة، وسلم لها جميع أموالها، وذخائرها، حتى لم يذهب لها شيء، وخرجت عن الدار، وكان يدخل إلى مطبخها حدث يحمل [فيه] [٢] على رأسه شيء [٣] يعرف بمحمد بن جعفر، وكان حركا فيقف على القهرمانة بخدمته، فنقلوه إلى أن صار وكيل المطبخ، وبلغها خبره ورأته، فردت إليه الوكالة في غير المطبخ/ وترقى أمره حتى صار ينظر في ضياعها وعقارها، وغلب عليها حتى صارت تكلمه من وراء ستر، وخلف باب، وزاد اختصاصه بها حتى علق بقلبها، فاستدعته إلى تزويجها، فلم يجسر على ذلك، فجسرته وبذلت [له] [٤] مالا حتى تم لها ذلك، وقد كانت حاله تأثلت بها، وأعطته لما أرادت ذلك منه أموالا جعلها لنفسه نعمة ظاهرة، لئلا يمنعها أولياؤها منه لفقره، وأنه ليس بكفؤ، ثم هادت القضاة بهدايا جليلة حتى زوجوها منه، واعترض الأولياء، فغالبتهم بالحكم والدراهم، فتم له ذلك ولها، فأقام معها سنين، ثم ماتت فحصل له من مالها نحو ثلاثمائة ألف دينار، فهو يتقلب إلى الآن فيها. قال أبي: قد رأيت أنا هذا الرجل وهو شيخ عاقل شاهد مقبول، توصل بالمال إلى أن قبله أبو السائب القاضي، حتى أقرّ في يده وقوف الحرة ووصيتها، لأنها وصت إليه في مالها ووقوفها، وهو إلى الآن لا يعرف إلا بزوج الحرة، وإنما سميت الحرة: لأجل تزويج المقتدر بها، وكذا عادة الخلفاء لأجل غلبة [٥] المماليك عليهم إذا كانت لهم زوجة قيل لها: الحرة.

قال ابن ثابت: قال لنا أبو علي بن شاذان: كان محمد بن جعفر زوج الحرة جارنا، وسمعت منه مجالس من أماليه، وكان يحضره في مجلس الحديث القاضي الجراحي، وأبو الحسين بن الظفر، والدارقطنيّ، وابن حيويه، وغيرهم من الشيوخ،


[١] في ل، ص «فماثلت» وما أثبتناه هو ما في الأصل، وتاريخ بغداد.
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٣] «شيء» سقطت من ل، ص.
[٤] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٥] في ل، ص: «لغلبة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>