للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

[١] ثم ملك بعده أخوه بهرام بْن سابور ذي الأكتاف، وكان يلقب بكرمان شاه، وذلك أن أباه سابور ولاه فِي حياته كرمان، فكتب إِلَى قواده كتابا يحثهم عَلَى الطاعة، وبنى بكرمان مدينة، وكان حسن السياسة [٢] ، وَفِي زمانه هلك أوس بْن قلام المتولي عَلَى العرب، وكانت ولاية أوس خمس سنين- ويقال اسمه: ياوس وهو الأصح- فاستخلف بعده امرؤ القيس بْن عمرو بْن امرئ القيس بْن عمرو بْن عدي.

وكان ملك بهرام هَذَا إحدى عشرة سنة، ثم ثار إليه بعض الفتاك فرماه بنشابة فقتله [٣]

. فصل

[٤] ثم قام بالملك بعده يزدجرد الملقب بالأثيم، فبعضهم يقول: هو ابن المقتول قبله، وبعضهم يَقُولُ: هو أخوه، وكان فظا غليظا مستطيلا على الناس، سيّئ الخلق، يعاقب بما لا يطاق، ويسفك الدماء، فلذلك سمي الأثيم [٥] ، لأن ملوك فارس كانوا يستعملون العدل، فأظهر هو الظلم، فجار الناس إِلَى اللَّه تعالى من ظلمه، وابتهلوا إليه يسألون تعجيل الانتقام منه. فبينا هو بجرجان إذ أقبل فرس عائر [٦] لم ير مثله فِي الخيل، فوقف عَلَى بابه، فتعجب الناس منه، وأخبر يزدجرد خبره، فأمر به أن يسرج ويلجم، ويدخل عَلَيْهِ، فحاول الناس إلجامه وإسراجه، فلم يمكنه، فأنهي إليه ذلك، فخرج فألجمه بيده وأسرجه، فلم يتحرك/ الفرس، حَتَّى إذا رفع ذنبه ليثفره [٧] رمحه عَلَى فؤاده رمحة [٨] فهلك منها، وملأ الفرس فروجه جريا فلم يدرك، فقالت الرعية: هَذَا من رأفة اللَّه تعالى بنا، وكان ملكه اثنتين وعشرين سنة، وخمسة أشهر، وستة عشر يوما.

وقيل: إحدى وعشرين سنة، وخمسة أشهر، وثمانية عشر يوما.


[١] «فصل» بياض في ت مكانها.
[٢] إلى هنا من الطبري ٢/ ٦٢.
[٣] الطبري ٢/ ٦٣.
[٤] «فصل» بياض في ت مكانها.
[٥] في الأصل: «الظليم» .
[٦] يقال: عار الفرس، إذا ذهب كأنه منفلت من صاحبه.
[٧] أثفر الدابة: أي عمل لها ثفرا، والثفر: السير الّذي في مؤخر السرج.
[٨] في ت: «إذا رفع ذنبه رمحه الفرس على فؤاده رمحة» .

<<  <  ج: ص:  >  >>