للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بهذا القول ولا يرضون إلا بتسليمه. فأعاد الجواب بأنه يبعده عن مملكته إلى حيث يكون فيه مبقيا على مهجته راعيا لحقوق خدمته وقال ما يحسن في أن أسلمه للقتل، وقد طالت صحبته [لي] وإذا كفيتكم أمره فقد بلغتم مرادكم. فكانت الرسالة الثالثة التوعد بالانحدار [والمسير] إلى شيراز. وقال بكران لبهاء الدولة، وهو كان المتوسط ما بينه وبين العسكر: أيها الملك إن الأمر على خلاف ما تقدره فاختر بين بقاء أبي الحسن أو بقاء دولتك، فقبض عليه حينئذ وعلى أصحابه، وأخذ ما كان في داره من مال وثياب وجوار وغلمان وأقام الجند على أنهم لا يرجعون من مخيمهم إلا بتسليمه. فركب إليهم يوم الخميس لسبع بقين من الشهر ليسألهم الدخول والاقتصار على ما فعله به من القبض والاعتقال فلم يقم منهم أحد إليه ولا خدمه، وعاد وقد أقاموا على المطالبة به وترك الرجوع إلا [بعد] تسليمه فسلم إلى أبي حرب شيرزيل وهو خال بهاء الدولة فَسُقِيَ السم دفعتين فلم يعمل فيه فخنق بحبل الستارة ودفن بالمخرم.

وفي ليلة الا حد الثالث من رجب سلم المخلوع إلى القادر باللَّه فأنزله حجرة من حجر خاصته ووكل به من يحفظه من ثقات خدمه، وأحسن ضيافته ومراعاة أموره، وكان يطالب [من] زيادة الخدمة بمثل ما كان يطالب به أيام الخلافة فتزاح علله في جميع ما يطلبه، وأنه حمل إليه في بعض الأيام طيب من العطارين فقال: من هذا يتطيب أبو العباس؟ قالوا نعم، فقال: قولوا له في الموضع الفلاني من الدار كندوج فيه طيب مما كنت أستعمله، فانفذ لي بعضه، وقدم إليه يوما عدسية فقال ما هذا؟ قالوا عدس وسلق فقال: أو قد أكل أبو العباس من هذا؟ قالوا نعم فقال قولوا له لما أردت أن تأكل عدسية لم اختفيت أيام هذا الأمير؟ وما كانت العدسية تعوذك لو لم تتقلد الخلافة، فعند ذلك أمر القادر باللَّه أن تفرد له جارية من طباخاته تحضر له ما يلتمسه كل يوم، وقدم إليه في بعض الأيام تين في مراكز فرفسه برجله فقال ما تعودنا أن يقدم بين أيدينا مسلوج، وقدمت بين يديه في بعض الليالي شمعة قد احترق بعضها فأنكرها ودفعها إلى الفراش فحمل غيرها وكان على هذا الحال إلى أن توفي.

وكان بهاء الدولة قد قبض على وزيره أبي نصر سابور، ثم أطلقه فالتجأ إلى البطيحة، وأقام عند مهذب الدولة علي بن نصر خوفا من ابن المعلم إلى أن قبض بهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>