للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطة، فلما أصبحت لبست ثيابي واصعدت إلى عكبرا فدخلت إليه، فلما رأني تبسم وقال لي: صدق رسول الله صدق رسول الله صدق رسول الله يقولها ثلاثا.

قال المصنف: وقد تعصب له الخطيب بعد أن نقل عن مشايخه [الأكابر] مدحه فغمزه بأشياء منها أنه قال كتب إلى أبو ذر عبد بن أحمد الهروي من مكة يذكر أنه سمع نصر الأندلسي يقول: خرجنا إلى عكبرا فكتبت عن ابن بطة كتاب السنن لرجاء بن مرجى عن حفص بن عمر الأردبيلي عن رجاء، فأخبرت الدارقطني فقال: هذا محال دخل رجاء بغداد سنة أربعين ودخل حفص سنة خمسين ومائتين فكيف سمع منه.

قال الخطيب: وحدثني عبد الواحد الأسدي أنه لما أنكر الدارقطني هذا تتبع ابن بطة النسخ التي كتبت عنه وغير الرواية وجعلها عن أبي الراجيان عن فتح بن شخرف عن رجاء، وجواب هذا أن أبا ذر كان من الأشاعرة المبغضين وهو أول من أدخل الحرم مذهب الأشعري ولا يقبل جرحه لحنبلي يعتقد كفره وأما عبد الواحد الأسدي فهو ابن برهان وكان معتزليًا قال الخطيب: كان ابن برهان يذكر أنه سمع من ابن بطة ولم يرو شيئا وإنما كانت له معرفة بالنحو واللغة، وقال ابن عقيل، كما ابن برهان يختار مذهب مرجئة المعتزلة وينفي الخلود في حق الكفار، ويقول دوام العقاب في حق من لا يجوز عليه التشفي لا وجه له مع ما قد وصف به نفسه من الرحمة وهذا إنما يوجد في الشاهد لما يعتري الغضبان من طلب الانتقام وهذا يستحيل في حقه، قال ابن عقيل: وهذا كلام نرده على قائله ما قد ذكره وذلك أنه أخذ صفات الباري تعالى من صفات الشاهد، وذكر أن المثير للغضب ما يدخل على قلب الغضبان من غليان الدم طلبا للانتقام وأوجب بذلك منع دوام العقاب حيث لا يوجد في حقه سبحانه التشفي والشاهد يرد عليه ما ذكره لأن المانع من التشفي غلبة الرحمة والرأفة وكلاهما رفعه طبع وليس الباري بهذا الوصف ولا رحمته وغضبه من أوصاف المخلوقين بشيء وهذا الذي ذكره من عدم التشفي وفورة الغضب كما يمنع دخوله عليه من الدوام يمنع من دخوله ووصفه ينبغي بهذه الطريقة أن يمنع أصل الوعيد ويحيله في حقه سبحانه كسائر المستحيلات عليه ولا يختلف نفس وجودها ودوامها فلا أفسد اعتقادا ممن أخذ صفات الله من صفاتنا وقاس أفعاله على أفعالنا قال المصنف: فمن كان اعتقاده يخالف أجماع المسلمين فهو خارج عن

<<  <  ج: ص:  >  >>