للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع القاضي المحاملي، ويوسف بن يعقوب، وحضر مجلس أبي بكر ابن الأنباري، وكان إماما ثقة ورعا.

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بن علي بن ثابت، قال: حدثني أبو القاسم منصور بن عمر الفقيه الكرخي، قال: لم أر في الشيوخ من تعلم العلم للَّه خالصا لا يشوبه شيء من الدنيا غير أبي أحمد الفرضي، فإنه كان يكره أدنى سبب حتى المديح لأهل العلم [١] وكان قد اجتمعت فيه أدوات الرئاسة من قراءات وإسناد وحالة متسعة من الدنيا، وكان أورع الخلق، وكان يبتدئ كل يوم بتدريس القرآن، ويحضر عنده الشيخ الكبير وذو الهيئة فتقدم عليه الحديث لأجل سبقه، فإذا فرغ من إقراء القرآن تولى قراءة الحديث علينا بنفسه، فلا يزال كذلك حتى يستنفد قوته ويبلغ النهاية في جهده في القراءة، ثم يضع الكتاب من يده فحينئذ يقطع المجلس وينصرف، وكنت أجالسه وأطيل القعود معه وهو على/ حالة واحدة لا يتحرك ولا يبعث بشيء من أعضائه ولا يغير شيئا من هيئته حتى أفارقه، قال: وبلغني أنه كان يجلس مع أهله على هذا الوصف، ولم أر في الشيوخ مثله.

أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد [٢] ، أخبرنا أحمد بن على، قال: حدثني عيسى بن أحمد الهمذاني، قال: سمعت على بن عبد الواحد بن مهدى، يقول: اختلفت إلى أبي أحمد الفرضي ثلاث عشرة سنة لم أره ضحك فيها غير أنه قرأ علينا يوما (كتاب [٣] الانبساط) فأراد أن يضحك فغطى فمه، وكان إذا جاء إلى أبي حامد الأسفراييني قام أبو حامد من مجلسه ومشى إلى باب مسجده حافيا مستقبلا له [٤] .

قال: وكتب أبو حامد كتابا إلى أبي أحمد يشفع له أن يأخذ عليه القرآن فظن أبو أحمد [٥] أنها مسألة قد استفتى فيها، فلما قرأ الكتاب غضب ورماه عن يده [٦] وقال: لا أقرئ القرآن بشفاعة أو كما قال.


[١] في ص، ل: «المديح لأهل العلم» .
[٢] في ص: «أخبرنا عبد الرحمن بن محمد» .
[٣] «كتاب» : ساقطة من ل.
[٤] في الأصل: «مستلغيا له» .
[٥] في الأصل: «فظن أبو حامد» .
[٦] «ورماه عن يده» : ساقطة من ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>