للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقاموا ثمانية أيام وهدمت تلك الزلزلة ثلث البلد تقديرا، وقطعت المسجد الجامع تقطيعا، وأهلكت من الناس قوما، وتعدت إلى نابلس فسقط نصف بنيانها، وتلف ثلاثمائة نفس من سكانها وقلبت قرية بإزائها فخاست بأهلها وبقرها وغنمهم وخسف بقرى أخر، وسقط بعض حائط بيت المقدس، ووقع من محراب داود عليه السلام قطعة كبيرة، ومن مسجد إبراهيم/ عليه السلام قطعة إلا أن الحجرة سلمت، وسقطت منارة المسجد الجامع بعسقلان، ورأس منارة غزة.

واتفق في هذا الوقت كثرة الموتان ببغداد لا سيما في النساء [١] وكان معظمه بالخوانيق، وكان مثل ذلك بالموصل.

واتصل الخبر بما كان بنواحي فارس [وشيراز] [٢] من الموت، حتى كانت الدور تسد على أصحابها وأن الفأر متن في الدور.

ثم عاد العيارون فظهروا، ثم بذلوا حفظ البلد ولزوم الاستقامة فأفرقوا على ذلك وفسح لهم في جباية ما كان أصحاب المسالح يجبونه من الأسواق وأعطوا ما كان لصاحب المعونة من ارتفاع المواخير والقيان [٣] ، وكانوا يخاطبون بالقواد.

وفي هذا الأوان خاطب الدينَوَريّ الزاهد الملك في إزالة ضرائب الملح، وأعلمه ما يتطرق على الناس من الأذى بذلك، فأمر بذلك وكتب به منشور وقرئ في الجوامع، وكتب علي أبوابها بلعن من يتعرض لإعادة هذه الجباية، وكانت جارية في الخاص وارتفاعها نحو ألفي دينار في كل سنة.

ثم عاد أمر العيارين فانتشروا واتصلت الفتن بأهل الكرخ مع أهل باب البصرة والقلائين، وأهل باب الطاق مع أهل سوق يحيى، وأهل نهر طابق مع أهل الأرحاء وباب الدير، ثم انضاف إلى ذلك قتال جرى بين الطائفتين من الأتراك وكثر قتل النفوس ولم يقدر أحد على جناية أو يؤخذ بقود، وانتشرت العرب ببادرويا وقطربُّل، فنهبوا النواحي


[١] في الأصل: «لا سيما بالشتاء» .
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٣] في الأصل: «المواخير والعنان» .

<<  <  ج: ص:  >  >>