للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحميدي، قال: حدثني أبو محمد علي بن [أحمد] [١] الفقيه الحافظ، أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن المذحجي الأديب، قال: كنت اختلف في النحو إلى أبي عبد الله محمد بن خطاب النحوي في جماعة أيام الحداثة، وكان معنا أسلم بن أحمد بن سعيد بن قاضي قضاة الأندلس، قال محمد بن الحسن: وكان من أجمل من رأته العيون [٢] ، وكان معنا عند محمد بن خطاب أحمد بن كليب، وكان من أهل الأدب والشعر، فاشتد كلفه بأسلم وفارق صبره، وصرف فيه القول مستترا بذلك إلى أن فشت أشعاره فيه وجرت على الألسنة، وتنوشدت في المحافل فلعهدي بعرس في بعض الشوارع والنكوري الزامر في وسط المحافل يزمر بقول أحمد بن كليب في أسلم:

وأسلمني في هواه ... أسلم هذا الرشا

غزال له مقلة ... يصيب بها من يشا

وشي بيننا حاسد ... يسأل عما وشى [٣]

فلو شاء أن يرتشي ... على الوصل روحي رشا

ومغن محسن يسايره، فلما بلغ هذا المبلغ انقطع عن جميع مجالس الطلب ولزم بيته والجلوس على بابه، وكان أحمد بن كليب لا شغل له إلا المرور على باب دار أسلم سائرا أو مقبلا نهاره كله، فانقطع أسلم من الجلوس على باب داره نهارا، فإذا صلى المغرب واختلط الظلام خرج مستروحا وجلس على باب داره فعيل صبر أحمد بن كليب فتحيل في بعض الليالي ولبس جبة صوف من جباب أهل البادية واعتم بمثل عمائمهم/ وأخذ بإحدى يديه دجاجا وبالأخرى قفصا فيه بيض، كأنه قدم من بعض الضياع، ونحن جلوس مع أسلم عند اختلاط الظلام على بابه، فتقدم إليه وقبل يده، وقال: يا مولاي من يقبض هذا، فقال له أسلم: من أنت، فقال: أجيرك في الضيعة الفلانية. وقد كان يعرف أسماء ضياعة والعاملين فأمر أسلم غلمانه بقبض ذلك منه على عادتهم في قبول هدايا العاملين في ضياعهم. ثم جعل يسأله عن أحوال الضيعة. فلما


[١] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.
[٢] في الأصل: «وكان من أجمل الناس» .
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>