للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبة ولا ولد، وأنك يا محمد رسوله إلى عباده بالبينات والهدى. فقلت ذاك، ونهض ونهضت، فرأيت نفسي قائما في الصفة، فصحت صياح الانزعاج والارتياع، فانتبه أهلي وجاءوا، وسمع أبي فقال: ما لكم [١] ؟ فصحت به فجاءوا، وأوقدنا المصباح وقصصت عليهم قصتي، فوجموا إلا أبي فإنه تبسم، وقال: ارجع إلى فراشك، ٧/ ب فالحديث يكون عند الصباح وتأملنا [٢] / الدورق، فإذا الجمد الذي فيه متشعث بالكسر، وتقدم والدي إلى الجماعة بكتمان ما جرى، وقال: يا بني، هذا منام صحيح، وبشرى محمودة، إلا أن إظهار هذا الأمر فجأة، والانتقال من شريعة إلى شريعة يحتاج إلى مقدمة وأهبة، ولكن اعتقد ما وصيت به، فإنني معتقد مثله، وتصرف في صلاتك ودعائك على أحكامه، ثم شاع الحديث، ومضت مدة فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثانيا على دجلة في مشرعة باب البستان، وقد تقدمت إليه وقبلت يده فقال: ما فعلت شيئا مما وافقتني عليه وقررته معي؟ قلت: بلى يا رسول الله، ألم أعتقد ما أمرتني به، وتصرفت في صلاتي ودعائي على موجبه؟ فقال: لا، وأظن أن قد بقيت في نفسك شبهة، تعال.

وحملني إلى باب المسجد الذي في المشرعة، وعليه رجل خراساني نائم على قفاه وجوفه كالغرارة المحشوة من الاستسقاء، ويداه وقدماه منتفختان، فأمر يده على بطنه وقرأ عليه فقام الرجل صحيحًا معافى. فقلت: صلى الله عليك يا رسول الله فما أحسن تصديق أمرك وأعجز فعلك [٣] . وانتبهت.

فلما كان في سنة ثلاث وأربعمائة رأيت في بعض الليالي كَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ راكبا علي باب خيمة كنت فيها، فانحنى على سرجه حتى أراني وجهه، فقمت إليه [٤] وقبلت ركابه ونزل [٥] فطرحت له مخدة وجلس، وقال: يا هذا، كم آمرك بما أريد فيه الخير لك ٨/ أوأنت تتوقف عنه. قلت [٦] : يا مولاي، أما أنا متصرف عليه؟ قال: بلى/، ولكن لا


[١] في الأصل: «مالك» .
[٢] في الأصل: «وتأملت» .
[٣] في الأصل: «فما أصدق أمرك وأعجب فعلك» .
[٤] «إليه» سقطت من ص، ت.
[٥] في الأصل: «ونعله» .
[٦] في الأصل: «فقلت» .

<<  <  ج: ص:  >  >>