للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقتل من أصحابه مقتلة عظيمة، وغنم أموالا، فشكا ذلك المنذر إِلَى كسرى، فكتب كسرى إلى ملك الروم يذكر ما بينهما من العهد، ويعلمه ما لقي عامله المنذر، ويسأله أن يأخذ خَالِد بأن يرد عَلَى المنذر ما غنم من حيزه، ويدفع إليه دية من قتل، وأن لا يستخف بما كتب إليه، فيكون في ذلك انتقاض ما بينهما من العهد.

ثم واتر الكتب بذلك فلم يحفل بها ملك الروم، فغزاه كسرى فِي بضعة وتسعين ألف مُقَاتِل، فأخذ مدينة دارا، ومدينة الرهاء، ومدينة منبج، ومدينة قنسرين، ومدينة حلب، ومدينة أنطاكية- وكانت أفضل مدينة بالشام- ومدينة فامية، [ومدينة] [١] حمص، ومدنا كثيرة، واحتوى على ما كان منها، وسبى أهل مدينة أنطاكية، ونقلهم إِلَى أرض السواد، وكان ملك الروم يؤدي إِلَيْهِ الخراج، وكان قباذ قد أمر فِي آخر ملكه بمسح الأرض، سهلها ووعرها، ليصح الخراج عليها، فمسحت، غير أن قباذ هلك قبل أن يستحكم أمر المساحة، فلما ملك كسرى أمر باستتمامها وإحصاء النخل والزيتون، ثم استشار الناس وَقَالَ: نريد أن نجمع من ذلك فِي بيوت أموالنا ما لو أتانا عَنْ ثغر أو طرف فتق، كانت الأموال عندنا معدة. فاجتمع رأيهم عَلَى وضع الخراج عَلَى ما يعصم الناس والبهائم، وهو الحنطة والشعير والأرز والكرم والرّطاب والنخل والزيتون، فوضعوا عَنْ كل جريب أرض رطاب سبعة دراهم، وعلى كل أربع نخلات فارسي درهما، وعلى كل ست نخلات دقل [٢] مثل ذلك [٣] ، وعلى كل ستة أصول زيتون/ مثل ذلك، ولم يضعوا إلا عَلَى النخل الذي تجمعه الحديقة دون الشاذ، وألزموا الناس الجزية ما خلا أهل البيوتات والعظماء والمُقَاتِلة والهرابذة والكتاب، ومن كان فِي خدمة الملك، وصيروها عَلَى طبقات: اثني عشر درهما، وثمانية، وستة، وأربعة، عَلَى قدر إكثار الرجل وإقلاله، ولم يلزم الجزية من كان له من السن دون العشرين وفوق الخمسين، واقتدى بجمهور هَذِهِ الأشياء عمر بْن الخطاب رضي اللَّه عنه [٤] .

قالوا: وكان كسرى ولى رجلا من الكتاب- ذا كفاية، يقال له: بابك بن البيروان-


[١] ما بين المعقوفتين: سقط من الأصل، ت وأثبتناه من الطبري ٢/ ١٤٩.
[٢] الدقل: أردأ أنواع التمر.
[٣] «وعلى كل ست نخلات دقل مثل ذلك» . سقط من ت.
[٤] تاريخ الطبري ٢/ ١٤٨- ١٥٢. باختصار وتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>