للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرمين أحسن تفقد، وكان من أصحاب أبي حنيفة، وكان أبو يوسف القزويني يحكى سيرته ونفاق أهل العلم عليه، وقال إنه التقاني يوما وقد توجه إلى ديوانه، فلما رآني وقف ووقف الناس لأجله، وقال لي: إلى أين؟ فقلت: قصدتك لحوائج كلفني أقوام قضاءها. فقال: لا أبرح من مكاني حتى تذكرها. فجعلت أذكر له حاجة حاجة وهو يقول: نعم وكرامة، حتى قَالَ في الحاجة الأخيرة: السمع والطاعة، ثم انفرد أمير كان ١٢/ أمعه بعد انصرافه/ فقال له: أي شيء أنت؟ فقلت: أنا لا شيء. فقال: لا شيء؟ يقول له الوزير السمع والطاعة. فقال: أنا من أهل العلم. فقال: استكثر مما معك، فانه إذا كان في شخص أطاعته الملوك.

[ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر]

٣٣٤٤- أحمد بن عبد الله بن سليمان، أبو العلاء التنوخي المعري

[١] .

ولد يوم الجمعة عند غروب الشمس لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثلاث وستين وثلاثمائة، وأصابه الجدري في سنة سبع أو أواخر سنة ست، فغشي حدقتيه ببياض فعمي، فقال الشعر وهو ابن إحدى عشرة سنة، وله أشعار كثيرة، وسمع اللغة، وأملى فيها كتبًا، وله بها معرفة تامة، ودخل بغداد سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وأقام بها سنة وسبعة أشهر، ثم عاد إلى وطنه، فلزم منزله، وسمّى نفسه: رهين المحبسين لذلك ولذهاب بصره [٢] ، وبقي خمسا وأربعين سنة لا يأكل اللحم ولا البيض ولا اللبن، ويحرم إيلام الحيوان، ويقتصر على ما تنبت الأرض، ويلبس خشن الثياب، ويظهر دوام الصوم، ولقيه رجل فقال له [٣] : لم لا تأكل اللحم؟ فقال: [أرحم الحيوان. قال:


[١] انظر ترجمته في: (تاريخ بغداد ٤/ ٢٤٠. والبداية والنهاية ١٢/ ٧٢. وشذرات الذهب ٣/ ٢٨٠.
ووفيات الأعيان ١/ ١١٣- ١١٦. ومعجم الأدباء ١/ ١٨١ وتاريخ ابن الوردي ١/ ٣٥٧. وإعلام النبلاء ٤/ ٧٧، ١٨٠، ٣٧٨. ولسان الميزان ١/ ٢٠٣. وإنباه الرواة ١/ ٤٦. وتتمة اليتيمة ٩. والأعلام ١/ ١٥٧. والكامل ٨/ ٣٣٩) .
[٢] في الأصل: «عينيه» .
[٣] «له» سقطت من ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>