للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونهاه عما قد لج فيه، فقال: نحن نحضر جماعة من الواردين صحبتك، ونرد هذا الأمر إلى رأيك وتدبيرك، فيظهر جلوسنا وإجابتنا للخاص والعام، وتكفينا أنت بحسن نياتك في هذا الأمر في الباطن، ففيه الغضاضة والوهن، ولم تجر لبني العباس بمثله عادة من قبل.

وجاء كتاب من السلطان إلى عميد الملك يأمره بالرفق، وأن لا يخاطب في هذا الأمر إلا بالجميل، وذلك في جواب كتاب من الديوان إلى خمارتكين يشكو [١] فيه مما يجري من عميد الملك، ويؤمر بإطلاع السلطان عليه، فعاد جواب خمارتكين أن السلطان غير مؤثر لشيء مما يجري، ولا يكرهه [٢] على هذه الحال، فبقيت الحال على ما هي عليه، وعميد الملك يقول ويكثر، والخليفة يحتمل ويصبر، وجاء يومأ إلى الديوان بثياب بيض، وتوسط الأمر قاضي القضاء الدامغاني، وأبو منصور بن يوسف، واستقر الأمر على أن كتب الخليفة لعميد الملك: إننا قد استخلفناك على هذا الأمر ٣٦/ ب ورضينا بك فيما تفعله، مما يعود بمرضاتنا ومرضاة ركن الدين، فاعمل في/ ذلك برأيك الصائب الموفق، تزجية للحال، ودفعا بالأيام، وترقبا لأحد أمرين: إما قناعة السلطان بهذا الأمر، أو طلب الإتمام، فلا يمكن المخالفة.

ثم دخل عميد الملك يوما إلى الخليفة ومعه قاضي القضاة وجماعة من الشهود، وقال: أسأل مولانا أمير المؤمنين التطول بذكر ما شرف به ركن الدين الخادم الناصح فيما رغب فيه، وسمت نفسه إليه ليعرفه الجماعة من رأيه الكريم، وأراد أن يقول الخليفة ما يلزمه به الحجة بالإجابة. ففطن لذلك فقال: قد شرط في المعنى ما فيه كفاية، والحال عليه جارية. فانصرف مغتاظا، ورحل في عشية يوم الثلاثاء السادس والعشرين من جمادى الآخرة، ورد المال والجواهر والآلات إلى همذان، وبقي الناس وجلين من هذه المنازعة.

[انكساف الشمس جميعها]

وفي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى على ساعتين منه: انكسفت


[١] في ص: «يشتكي» .
[٢] في الأصل: «مكرهه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>