للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون جلوس هذا القاضي الوارد دونه فلم يجب، وأمر أن يجلس على روشن بيت النوبة بمعزل من المجلس، فقام هذا القاضي فخطب خطبة وصف فيها ألب أرسلان، وشكر وزيره نظام الملك، ثم جلس وسلم الكتب الواصلة معه، وكانت كتابين إلى الخليفة، وكتابًا إلى الوزير فخر الدولة أبي نصر بن جهير، فخرج الجواب يتضمن شكر السلطان ألب أرسلان، والاعتداد بخدمته في تسيير السيدة، وتقدم إلى الخطباء بإقامة الدعوة، فقيل في الدعاء: اللَّهمّ أصلح السلطان المعظم عضد الدولة وتاج الملة أبا شجاع ألب أرسلان محمد بن داود، فبعث عشرة آلاف دينار وزنا ومائتي ثوب إبريسمية أنواعا، وحوالة على الناظر ببغداد بعشرة آلاف أخرى، وعشرة أفراس، وعشرة بغلات، وقيل للسلطان في أمر عميد الملك، وأنه لا فائدة في بقائه، فَإنَّهُ غير مأمون أن يفسد، فأمر بالمكاتبة إلى مقدم [١] مروالروذ بقتله وصلبه، وأنفذ ثلاثة غلمان لذلك.

وبيعت في هذا الزمان دار بنهر طابق بثلاثة قراريط، وبيعت دار بواسط بدرهم.

وفي ربيع الأول: شاع ببغداد أن قوما من الأكراد خرجوا متصيدين فرأوا في البرية خيما سودا سمعوا فيها لطما شديدا، وعويلا كبيرا، وقائلا يقول: قد مات سيدوك ملك الجن، وأي بلد لم يلطم به عليه ولم يقم فيه مأتم قلع أصله، وأهلك أهله. فخرج النساء العواهر من حريم بغداد إلى المقابر يلطمن/ ثلاثة أيام، ويخرقن ثيابهن وينشرن ٤٥/ ب شعورهن، وخرج رجال من السفساف يفعلون ذلك، وفعل هذا في واسط وخوزستان من البلاد، وكان هذا فنا من الحمق لم ينقل مثله.

ولما فرغت خلع السلطان سأل العميد أبو الحسن أن يجلس الخليفة جلوسا عاما لذلك، فجلس يوم الخميس سابع جمادى الآخرة في البيت المستقبل بالتاج المشرف على دجلة، وأوصل إليه الوزير فخر الملك، وتقدم بإيصال العميد والقاضي أبي عمر فدخلا فشافههما بتولية عضد الدولة، واستدعى اللواءين فعقدهما بيده، وسلمت الخلع بحضرته، ورتب للخروج بالخلع أبو الفوارس طراد الزينبي، وأبو محمد التميمي، وموفق الخادم، وكتب معهم إلى السلطان كتاب بتوليته، ولقب العميد شيخ


[١] في الأصل: «متقدم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>