للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثلاثمائة، وسمع أبا عمر بن مهدي، وأبا الحسن بن الصلت، وأبا الحسين [١] بن بشران، وغيرهم، وكان أوحد أهل زمانه في فعل المعروف، والقيام بأمور العلم، والنصرة لأهل السنة، والقمع لأهل البدع، وافتقاد المستورين بالبر، ودوام الصدقة، وكان إذا وصل أحد وصله سرًا [٢] حيث لا يراه أحد، فإذا شكره المعطي قَالَ: إنما أنا في هذه العطية وسيط وليست من مالي، ولما انحدر البساسيري إلى واسط أخذ ابن يوسف معه فنزل على رجل طحان، فلما رحل عنه أعطاه شيئا ثم مضت مدة فركب [٣] الطحان ديون، فقصد بغداد ودخل على ابن يوسف فأكرمه، وأفرد له حجرة، وكساه وأمر بعض غلمانه [٤] أن يسأله سبب قدومه فأخبره، فحدث ابن يوسف بذلك، فأرسل رجلا إلى واسط واكترى له سفينة، وحمل فيها ما يصلح حمله من الفواكه والتحف وكسوة كبيرة، وأعطاه مائتي دينار وقال له: ناد في الجامع من له دين على فلان فليحضر ومعه وثيقته، فإذا حضروا فعرفهم فقره، وأن رجلا أقرضه شيئا ليصالحوه على بعض ديونهم. ففعل ذلك، وأشهد عليهم بالقبض، وحمل تلك التحف إلى بيت الطحان، وعاد الطحان فظن أن ابن يوسف قد نسيه، فأحضره وسأله عن سبب قدومه فأخبره الوثائق، وأعطاه مائة دينار.

٥٥/ ب قَالَ/ المصنف رحمه الله: قرأت بخط أبي الوفاء بن عقيل قَالَ: كان أبو منصور بن يوسف عين زماننا، وكان قد انتقد أهل زمانه فاستعمل كل واحد منهم فيما يصلح لهم، فاستعمل للحجر والباعة أفره من وجد من الأحداث الأقوياء الشطار، فما قهر على رأي ولا كسر له غرض في بيع، واستعمل في إقامة الديانة الحنابلة مشايخ أفراد زهاد متنزهين عن معاشرة السلاطين ومكاثرة أبناء الدنيا يُقصدون ولا يَقصدون، العوام تعظمهم وتحبهم، والسلاطين توقرهم، وأخذ بالعطاء والكفاية [٥] أصحاب


[١] في الأصل: «أبا الحسن» .
[٢] في ص: «وكان إذا وصله أحد وصل في سر» .
[٣] في الأصل: «فركبت» .
[٤] في ص: «بعض أصحابه» .
[٥] في الأصل: «بالكفاية والعطاء» .

<<  <  ج: ص:  >  >>