للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجب الباب، وقتل من أولئك خياط من سوق الثلاثاء، وصاح أصحابها على باب النوبي المستنصر باللَّه: يا منصور، تهمة للديوان بمعرفة الحنابلة، وتشنيعا عليه، وغضب أبو إسحاق الشيرازي، ومضى إلى باب الطاق، وأخذ في إعداد أهبة السفر، فأنفذ إليه الخليفة من رده عن رأيه، فبعث الفقهاء أبا بكر الشاشي وغيره من النظام يشرح له الحال، فجاء كتاب النظام إلى الوزير فخر الدولة بالامتعاض مما جرى، والغضب ٩١/ ألتسلط الحنابلة على الطائفة الأخرى، وإني/ أرى حسم القول في ما يتعلق بالمدرسة التي بنيتها في أشياء من هذا الجنس.

وحكى الشيخ أبو المعالي صالح بن شافع عن شيخه أبي الفتح الحلواني وغيره ممن شاهد الحال: أن الخليفة لما خاف من تشنيع الشافعية عليه عند النظام أمر الوزير أن يجيل الفكر فيما تنحسم به الفتنة، فاستدعى الشريف أبا جعفر، وكان فيمن نفذه إليه ابن جردة فتلطف به ابن جردة [١] حتى حضر في الليل، وحضر أبو إسحاق، وأبو سعد الصوفي، وأبو نصر ابن القشيري، فلما حضر الشريف عظمه الوزير ورفعه، وقال: إن أمير المؤمنين ساءه ما جرى من اختلاف المسلمين في عقائدهم وهؤلاء يصالحونك على ما تريد.

وأمرهم بالدنو من الشريف، فقام إليه أبو إسحاق، وقد كان يتردد في أيام المناظرة إلى مسجده بدرب المطبخ، فقال له: أنا ذاك الذي تعرف، وهذه كتبي في أصول الفقه، أقول فيها خلافا للأشعرية، ثم قبل رأسه فقال الشريف: قد كان ما تقول، إلا أنك لما كنت فقيرا لم يظهر لنا ما في نفسك فلما جاءك الأعوان والسلطان وخواجا بزرك أبديت ما كان مخفيا.

ثم قام أبو سعد الصوفي فقبل يد الشريف وتلطف [به فالتفت] الشريف [٢] مغضبا وقال: أيها الشيخ، أما الفقهاء فإذا تكلموا في مسائل الأصول فلهم فيها مدخل، فأما أنت فصاحب لهو سماع وبغته، فمن زاحمك على ذلك وعلى ما نلته من قبول عند أمثالك حتى داخلت المتكلمين والفقهاء، فأقمت سوق التعصب.


[١] «فتلطف به ابن جردة» سقطت من ص.
[٢] في ص: «فقبل يد الشريف فالتفت الشريف» .
وفي الأصل: «فقبل يد الشريف وتلطف الشريف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>