للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذ سعد الدولة التوقيع وانصرف، وأقام الوزير في داره، وجعل ولديه أبا القاسم وأبا البركات ينظران في الأعمال، وأما الوزير عميد الدولة فإنه لما وصل إلى العسكر وجد من النظام التغير الشديد، فأعياه أن يطيبه، وندب نقيب النقباء للخروج إلى أصبهان والخطاب على اعتبار ما [١] قصد له الوزير عميد الدولة ليعود إلى مراعاة أمر الديوان، فإنه قد وقع الاستضرار ببعده، وليشرح ما جرى من سعد الدولة. فخرج في ليلة الأحد الحادي والعشرين من صفر، فأنفذ سعد الدولة من النهروان، وجرت في ذلك أمور حتى تمكن من السير، ثم ورد صاحب الوزير بكتابين من السلطان والنظام إلى سعد الدولة أنه انتهى إلينا أنك تعرضت بنواحي الديوان العزيز والوزير فخر الدولة، فأخذت منهما ما يجب/ أن تعيده، فلا تتعرض بما لم تؤمر به. ٩٩/ أوأحضر سعد الدولة إلى باب الفردوس من غد، وسلمت الكتب إليه، وعوتب على ما كان منه من فظيع الفعل وقبيح القول، فقال: الله يعلم أن الذي أمرت به أضعاف ما فعلته، وأنا ماض إلى هناك، فإنني قد استدعيت سأوافق على ذلك بمشهد من عميد الدولة. ثم إن الوزير عميد الدولة تلطف بصبره وبوصله إلى أن استسل ما في نفس نظام الملك واستعاده إلى المألوف منه، فأنفذ فرسين بعدتهما وعشرين قطعة ثيابا للوزير فخر الدولة إظهارا لرجوع المودة إلى حالها المعهود، وقضى له كل حاجة، وزوجه بابنته، وقدم الوزير إلى بغداد وقد تغير قلب الخليفة له لأفعال الفقهاء الأعداء، وكتب إليه: قد أعدتك إلى والديك، ولا مراجعة لك بعد هذا إلى خدمتنا. فانكفأ مصاحبا فدخل إلى والده بباب العامة، وأغلق الديوان، وسمرت أبوابه التي تلي باب العامة.

[فتح الديوان وترتيب الخليفة فيه الوزير أبا شجاع محمد بن الحسين]

وفي يوم السبت سلخ جمادى الآخرة: فتح الديوان، ورتب الخليفة فيه الوزير أبا شجاع محمد بن الحسين [٢] نائبا فيه فجلس بغير مخدة.

وفي يوم الثلاثاء السادس عشر من ذي القعدة: وقع الرضا عن الوزير عميد الدولة، والتعويل عليه في الخدمة، وورد غلام تركي من غلمان النظام إلى الخليفة يشير


[١] «اعتبار ما» سقطت من ت، ص.
[٢] في الأصل: «بن الحسن» .

<<  <  ج: ص:  >  >>