للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فتح فخر الدولة ميافارقين عنوة]

وفي جمادى الأولى [١] : فتح فخر الدولة أبو نصر ميافارقين عنوة، فتم له بذلك الاستيلاء على ديار بكر.

[بدأ الطاعون ببغداد]

وفيه: بدأ الطاعون ببغداد ونواحيها، وكان عامة أمراضهم الصفراء، بينا الرجل في شغله أخذته رعدة فخر لوجهه، ثم عرض لهم شناج وبرسام وصداع، وكان الأطباء يصفون مع هذه الأمراض أكل اللحم لحفظ القوة، فإنهم ما كانت تزيدهم الحمية إلا قوة مرض، وكانوا يسمونها: مخوية، وتقول الأطباء: ما رأينا مثل هذه الأمراض لا تلائمها المبردات ولا المسخنات، واستمر ذلك إلى آخر رمضان فمات منه نحو عشرين ألف ببغداد، وكان المرض يكون [٢] خمسة أيام وستة ثم يأتي الموت، وكان الناس يوصون في حال صحتهم، وكان الميت يلبث يوما ويومين لعدم غاسل وحامل وحافر، وكان الحفارون يحفرون عامة ليلتهم بالروحانية ليفي ذلك بمن يقبر نهارا، ووهب المقتدي للناس ضيعة تسمى الأجمة فامتلأت بالقبور، وفرغت قرى من أهلها منها المحول.

وحكى بعض الأتراك أنه مر بالمحول، فرأى كثرة الموتى، ورأى طفلة على باب ١١٦/ أبيت تنادي: هل من مسلم يؤجر في فيأخذني، فإن أبي وأمي/ وأخوتي هلكوا في هذا البيت. قَالَ: فنزلت فإذا بها في صدر أمها ميتة.

وحكى عبيد الله بن طلحة الدامغاني أن دربا من دروب التوثة مات جميع أهله فسد باب الدرب، وهلك عامة أهل باب البصرة، وأهل حربي، وعم هذا الطاعون خراسان، والشام، والحجاز، وتعقبه موت الفجأة، ثم أخذ الناس الجدري في أطفالهم، ثم تعقبه موت الوحوش في البرية، ثم تلاه موت الدواب والمواشي، ثم قحط الناس، وعزت الألبان واللحوم، ثم أصاب الناس بعد ذلك الخوانيق، والأورام، والطحال، وأمد المقتدى بأمر الله الفقراء بالأدوية والمال، ففرق ما لا يحصى، وتقدم إلى أطباء المارستان بمراعاة جميع المرضى.

[هبوب ريح سوداء]

وفي جمادى الآخرة: هبت ريح سوداء، وادلهمت السماء، وكان في خلال ذلك


[١] في الأصل: «جمادى الآخرة»
[٢] «فمات منه نحو عشرين ألف ببغداد وكان المرض يكون» سقطت من ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>