للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأربعمائة، وتفقه في صباه على والده وله دون العشرين سنة، فأقعده مكانه للتدريس [١] [فأقام التدريس] [٢] ، وسمع الحديث الكثير في البلاد، وفي بغداد من أبي محمد الجوهري، وروى عنه شيخنا زاهر بن طاهر الشحامي، وخرج إلى الحجاز فأقام بمكة أربع سنين، وعاد إلى نيسابور فجلس للتدريس ثلاثين سنة، وقد سلم إليه التدريس والمحراب والمنبر والخطابة ومجلس التذكير يوم الجمعة، وكان يحضر درسه كل يوم نحو ثلاثمائة، وتخرج به جماعة من الأكابر [٣] ، حتى درسوا في حياته، وصرف أكثر عنايته في آخر عمره إلى تصنيف الكتاب الذي سماه: «نهاية المطلب في دراية المذهب» وكان الشيخ أبو [٤] إسحاق يقول له: أنت إمام الأئمة. ١١٨/ ب وكان الجويني قد بالغ في الكلام، وصنف الكتب الكثيرة فيه، ثم رأى أن مذهب السلف أولى، فروى عنه أبو جعفر الحافظ أنه قَالَ: ركبت البحر الأعظم، وغصت في الّذي نهى عنه [٥] أهل الإسلام كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت عن الكل إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطف بره وإلا فالويل لابن الجويني.

وأنبأنا أبو زرعة، عن أبيه محمد بن طاهر المقدسي قَالَ: سمعت أبا الحسن القيرواني وكان يختلف إلى درس أبي المعالي الجويني يقرأ عليه الكلام يقول: سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا، لا تشتغلوا بالكلام، فلو علمت أن الكلام يبلغ إلى ما بلغ ما اشتغلت به.

قَالَ المصنف رحمه الله: وشاع عن أبي المعالي أنه كان يقول إن الله يعلم جمل الأشياء ولا يعلم التفاصيل، فوا عجبا! أترى التفاصيل يقع عليها اسم شيء أو لا؟ فإن وقع عليها اسم شيء فقد قال الله وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢: ٢٩ [٦] وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ ٢١: ٨١ [٧] .


[١] في الأصل: «للدرس» .
[٢] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٣] في الأصل: «الكبار» .
[٤] «الشيخ» سقطت من ص، ت.
[٥] في ص، ت: «الّذي نهى أهل الإسلام عنه»
[٦] سورة: البقرة، الآية: ٢٩.
[٧] سورة: الأنبياء، الآية: ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>