للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثير النشوار في درسه، سهل الأخلاق، روى عنه شيوخنا، وعانى الفقر في طلب العلم، فربما استضوأ بسراج الحارس.

وحكى عنه أبو الوفاء ابن عقيل أنه قَالَ: كان لي من الحرص على الفقه في ابتداء أمري أني كنت أخذ المختصرات وأنزل إلى دجلة أطلب أفياء الدور [١] الشاطئية والمسنيات، فأنظر في الجزء وأعيده، ولا أقوم إلا وقد حفظته، وفأدّى بي السعي إلى مسناة الحريم الطاهري، فجلست في فيئها الثخين، وهوائها الرقيق، واستغرقني النظر، فإذا شيخ حسن الهيئة قد اطلع على، ثم جاءني بعد هنيهة فراش فقال: قم معي. فقمت معه حتى جاء بي إلى باب كبير وعليه جماعة حواش، فدخل بي إلى دار كبيرة وفيها دست مضروب ليس فيها أحد، فأدفاني منه فجلست، وإذا بذلك الشيخ الذي اطلع على قد خرج فاستدناني منه، وسألني عن بلدي فقلت: دامغان، وكان علي قميص خام وسخ وعليه آثار الحبر، فقال: ما مذهبك، وعلى من تقرأ؟ فقلت: حنفي، قدمت منذ سنين وأقرأ على الصميري، وابن القدوري. فقال: من أين مؤنتك؟ قلت: لا جهة لي أتمون ١٢١/ ب منها. فقال: ما تقول في مسألة كذا وكذا [٢] من الطلاق؟ وبسطني ثم قَالَ: تجيء كل خميس إلى ها هنا. فلما جئت أقوم أخذ قرطاسا وكتب شيئا [ودفعه إلى] [٣] وقال:

تعرض هذا على من فيه اسمه وتأخذ [٤] ما يعطيك. فأخذته ودعوت له، فأخرجت من باب آخر غير الذي دخلت منه، وإذا عليه رجل مستند إلى مخدة، فتقدمت [إليه فقلت] [٥] : من صاحب هذه الدار؟ فقال: هذا ابن المقتدر باللَّه. فقال: فما معك؟

فقلت: شيء كتبه لي. فقال: بخطه، أين كان الكاتب؟ فقلت: على من هذا؟ فقال:

على رجل من أهل باب الأزج: عشر كارات دقيق سميد فائق، وكانت الكارة تساوي ثمانية دنانير، وكتب لك بعشرة دنانير. فسررت ومضيت إلى الرجل، فأخذ الخط ودهش، وقال: هذا خط مولانا الأمير.، فبادر فوزن الدنانير وقال: كيف تريد الدقيق؟


[١] في الأصل: «أتقيا البيوت»
[٢] «وكذا» سقطت من ص، ت.
[٣] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٤] في ص: «وخذ» .
[٥] ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>