للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد سنة خمس وأربعمائة، وسمع الحديث الكثير، وصحب أبا بكر الخطيب، وتلمذ له وأخذ عنه [١] علم الحديث، فصارت له به معرفة حسنة، وسمع بقراءته الكثير من شيوخه، وروى عنه الخطيب في مصنفاته، وكان بغدادي المولد والمنشأ، ثم سكن سمرقند، وأملى الحديث بأصبهان وغيرها، وكان يرجع إلى عقل كامل، وفضل وافر، ورأي صائب، وصنف فأجاد، وكان له دنيا وافرة، وكان يملك نحو أربعين قرية بنواحي كش، وكان يخرج زكاة ماله ثم يتنفل بالصدقة الوافرة، فكان ينفذ إلى جماعة من الأئمة الأموال إلى كل بلد واحد من ألف دينار إلى خمسمائة إلى سبعمائة [٢] ، فربما بلغ ببعثه عشرة آلاف دينار، وكان يقول: هذه زكاة مالي، وأنا غريب لا أعرف الفقراء ففرقوها أنتم عليهم، وكل من أعطيتموه شيئا من المال فابعثوه إلى حتى أعطيه عشر الغلة، وكان يصرف أمواله إلى سبل البر [٣] .

وحسده قاضي البلد فقال للخضر بن إبراهيم وهو ملك ما وراء النهر: إن له بستانا ليس للملوك مثله. فبعث إليه أني أريد أن أحضر بستانك. فقال للرسول: لا سبيل إلى ١٣٣/ أذلك، لأني عمرته من المال الحلال ليجتمع عندي فيه/ أهل الدين، فلا أمكنه من الشرب فيه. فأخبر الأمير فغضب، وأعاد الرسول فأعاد الشريف الجواب، وأراد أن يقبض عليه فاختفى، وطلب فلم ير، فأظهروا أن الخضر قد ندم على ما كان فعل، فظهر فبعث إليه الأمير بعد مدة نريد أن نشاورك في مهمات، فحضر فحبسه واستولى على أمواله.

فحكى بعض وكلائه قَالَ: توصلت إليه وقلت إنهم يأخذون مالك من غير اختيارك فأعطهم ما يريدون وتخلص. فقال: لا أفعل وقد طاب لي الحبس والجوع، فإني كنت أفكر في نفسي منذ مدة وأقول من يكون من أهل [٤] بيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم لا بد أن يبتلى في ماله ونفسه، وأنا قد ربيت في النعم والدولة، فلعل في خللا، فلما وقعت هذه الواقعة


[١] في الأصل: «وأحدث عنه»
[٢] في الأصل: «سبعمائة إلى خمسمائة»
[٣] في الأصل: «إلى جهة البر» .
[٤] «أهل» سقطت من ص، ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>