للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم دخلت سنة سبع وثمانين واربعمائة]

فمن الحوادث فيها:

أنه لما قدم السلطان بركيارق بن ملك شاه بغداد تقرر مع الخليفة المقتدي بأن يحمل السلطان إليه المال الذي ينسب إلى البيعة، وأن يخطب له بالسلطنة على رسم أبيه، وتقدم الخليفة إلى أبي سعد بن الموصلايا كاتب الإنشاء أن يكتب عهده، فكتب ورتبت الخلع وذلك يوم الجمعة رابع عشر محرم، وحمل العهد إلى الخليفة يوم الجمعة فوقع فيه، وتأمل الخلع، ثم قدم إليه الطعام فتناول منه وغسل يده، وأقبل على النظر في العهد وهو أكمل ما كان صحة وسرورا وبين يديه قهرمانته شمس النهار فقال لها: من هذه الأشخاص الذين قد دخلوا علينا بغير إذن؟ قالت: فالتفت فلم أر أحدا، ورأيته قد ٥/ أتغيرت حالته استرخت يداه [١] ورجلاه، وانحلت قواه، وسقط إلى الأرض/ فظننتها غشية لحقته، ومرة غلبته، فحللت إزرار ثيابه فوجدته لا يجيب داعيا، فحققت موته، ثم أنها تماسكت وتشجعت وقالت لجارية كانت عنده: ليس هذا وقت يظهر فيه الهلع، فإن ظهر منك صياح قتلتك. وأفردتها في حجرة وأغلقت عليها الباب، ثم نفذت بمن استدعى يمنا الخادم وهو صهر القهرمانة على ابنتها، فلما حضر أمرته باستدعاء الوزير عميد الدولة ابن جهير، فمضى إليه عند اختلاط الظلام، فلما شعر به ارتاع وخرج إليه، فأمره بالحضور فحضر والأفكار تتلاعب به، فلما رأى القهرمانة أجلها زيادة على ما جرت به عادته معها [٢] ، فدخلت الحجرة إلى أن قالت: قد عجزت عن الخدمة وقد عولت


[١] في الأصل: «ورأيته قد تغيرت حالاه وارتخت يداه ورجلاه» .
[٢] في الأصل: «ما جرت به العادة معها» .

<<  <  ج: ص:  >  >>