للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى نزل السلطان محمد الرملة. وانزعج أهل بغداد وخافوا امتداد الفساد، فركب إياز حتى أشرف/ على عسكر محمد، فوقع في نفسه الصلح فاستدعى وزيره الصفي وأمره ٣٨/ أبالعبور إلى السلطان محمد، وأن يصالحه، وقال: إني لو ظفرت لم يسكن صدري على نفسي والصواب أن أغمد سيوف الإسلام المختلفة.

فعبر وزيره واجتمع بالوزير سعد الملك أبي المحاسن وحضرا بين يدي السلطان محمد فأدى الصفي رسالة صاحبه واعتذر عما جرى منه بسابق القدر، فوافق من السلطان قبولا، وعبر ابن جهير والموكب إلى محمد فلقوه وحضر الكيا الهراسي، فتولى أخذ اليمين المغلظة على السلطان محمد، وأمن الناس، وعمل إياز دعوة للسلطان محمد في دار سعد الدولة، فحضر السلطان وخدمه بغلمان أتراك بالخيول والأسلحة الظاهرة وبجواهر نفيسة منها الجبل البلخشي الذي كان لمؤيد الملك بن نظام الملك.

واتفق أن الأتراك مازحوا رجلا فالبسوه سلاحا وخفا وقميصه فوق ذلك ونالوه بأيديهم، فدنا من السلطان فسأل عنه، فأخبر أن تحت قميصه سلاحا فاستشعر ونهض من مكانه.

فلما كان يوم الخميس ثالث عشر جمادي الآخرة استدعى السلطان الأمراء سيف الدولة وإياز وغيرهما، فحضروا فخرج إليهم الحاجب، وقال: السلطان يقول لكم بلغنا نزول الأمير أرسلان بن سليمان بديار بكر وينبغي أن يجتمع آراؤكم على من يتجهز لقتاله، فقال الجماعة: هذا أمر لا يصلح إلا للأمير إياز، فقال إياز: ينبغي أن اجتمع مع سيف الدولة ونتعاضد على ذلك، فخرج الحاجب، فقال: السلطان يقول لكما قوما فادخلا لتقع المشورة/ ها هنا، فدخلا إليه وقد رتب أقواما لقتل إياز، فلما دخل أياز بادره ٣٨/ ب أحدهم بضربة أبان بها رأسه، وأما سيف الدولة فغطى وجهه بكمه، وأما الوزير سعد الملك فأظهر أنه أخذته غشية، وأخرج إياز مقتولا في زلي [١] ورأسه مقطوع على صدره، فألقى بازاء دار السلطان، وركب عسكر إياز إلى داره فنهبوها، وجمع بين بدنه ورأسه قوم من المطوعة، وكفنوه في خرقة خام وحملوه إلى مقبرة الخيزران.


[١] «زلي» : كلمة فارسية معناها طنفسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>