للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابن إِسْحَاق: كانت الكعبة رضما [١] فوق القامة، فأرادت قريش رفعها وتسقيفها، وكان نفر من قريش وغيرهم قد سرقوا كنز الكعبة، وكان يكون فِي [بئر فِي جوف الكعبة] [٢] فهدموها لذلك، وذلك فِي سنة خمس وثلاثين من مَوْلِدِ رَسُولِ اللَّه [٣] صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى هشام بْن مُحَمَّد عَنْ أبيه قَالَ: كان إِبْرَاهِيم وابنه إسماعيل يليان البيت، وبعد إِسْمَاعِيل ابنه بنت، ثم مات نبت ولم يكثر ولد إسماعيل فغلبت جرهم عَلَى ولاية البيت، فَقَالَ عمرو بْن الحارث بْن مضاض من ذلك [٤] :

وكنا ولاة البيت من بعد نابت ... نطوف بذاك البيت والخير ظاهر

[٥] وكان أول من ولي البيت من جرهم مضاض، ثم وليه بعده بنوه كابرا عَنْ كابر، حَتَّى بغت جرهم بمكة واستحلوا حرمتها، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى إليها، وظلموا من دخل مكة، ثُمَّ لم يتناهوا حَتَّى جعل الرجل [منهم] إذا لم يجد [٦] مكانا يزني فيه دخل الكعبة فزنى.

فزعموا أن إسافا بغى بنائلة فِي جوف الكعبة فمسخا حجرين، وكانت مكة فِي الجاهلية لا ظلم فيها ولا بغي، ولا يستحل حرمتها ملك إلا هلك مكانه [٧] ، فكانت تسمى: الباسة [٨] ، وتسمى: بكة، كانت تبك [٩] أعناق الجبابرة [١٠] الذين يبغون فيها، ولما


[١] الرضم: أن تنضد الحجارة بعضها على بعض من غير ملاط.
وفي ت: «مبنية قوف القامة» .
[٢] في الأصل: «يكون في جوفها» .
[٣] في ت: «من مولده صلى الله عليه وسلم» . وانظر السيرة النبويّة ١/ ١٩٣.
[٤] «في ذلك» سقط من ت.
[٥] البيت في السيرة النبويّة لابن هشام ١/ ١١٥.
[٦] «إذا لم يجد مكانا» سقطت من ت. وما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
[٧] في ت: «مكانها» .
[٨] في السيرة النبويّة لابن هشام: «الناسة» . وقد قيل هذا أيضا، فالباسة: من البس وهو التفتيت.
أما الناسة: بمعنى يبس وأجدب.
[٩] في ت: «تبكي» .
[١٠] «الجبابرة» سقطت من ت.

<<  <  ج: ص:  >  >>