للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نحن طيبوا الأنفس بأن تجهز بربح هذه العير جيشا إلى محمد، فقال أبو سفيان: أنا أول من أجاب إلى ذلك، وبنو عبد مناف معي، فباعوها فصارت ذهبا، وكانت ألف بعير، وكان المال خمسين ألف دينار، فسلم إلى أهل العير رءوس أموالهم، وعزلت الأرباح، وبعثوا الرسل إلى العرب يستنصرونهم، وأجمعوا على إخراج الظعن [١] معهم ليذكرنهم قتلى بدر [فيحفظنهم] [٢] فيكون أجد لهم في القتال.

وكتب العباس بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخبرهم، فخرجت قريش ومعهم أبو عامر الراهب، وكان عددهم ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة دارع، ومعهم مائتا فرس وثلاثة آلاف بعير، وكانت الظعن خمسة عشرة امرأة، فساروا حتى نزلوا ذا الحليفة فأقاموا يوم الأربعاء والخميس والجمعة، وبات سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسيد بن حضير بباب رسول/ الله صلى الله عليه وسلم فِي عدة من الناس، وحرست المدينة، ورأى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كأنه في درع حصينة، وكأن سيفه ذا الفقار قد انفصم، وكأن بقرا تذبح، وكأنه مردف كبشا، [فأولها] [٣] فقال: أما الدرع فالمدينة، والبقر قتل في أصحابي، وانقصام سيفي مصيبة في نفسي، والكبش كبش الكتيبة نقتله إن شاء اللَّه، وكان رأيه صلى الله عليه وسلم أن لا يخرج من المدينة، وكان ذلك رأي الأكابر من أصحابه، وطلب فتيان أحداث لم يشهدوا بدرا أن يخرجوا حرصا على الشهادة فغلبوا على الأمر، فصلى الجمعة ثم وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد، ثم صلى العصر، ثم دخل بيته ومعه أبو بكر، وعمر فعمماه ولبساه وصف الناس له، فخرج صلى الله عليه وسلم قد لبس لأمته وأظهر الدرع، وحزم وسطها بمنطقة من أدم واعتم، وتقلد السيف، وألقى الترس في ظهره، فندموا جميعا على ما صنعوا، وقالوا: ما كَانَ لنا أن نخالفك فاصنع ما بدا لك، فقال: صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه فامضوا على اسم الله، فلكم النصر إن صبرتم [٤] .


[١] الظعن: جمع ظعينة، وهي المرأة ما دامت في الهودج.
[٢] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناها من أ، وابن سعد.
[٣] ما بين المعقوفتين: ساقط من الأصل، وأوردناها من ابن سعد ١/ ٢/ ٢٦.
[٤] في ابن سعد: «ما صبرتم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>